الجامعة والمنتخب والجمهور، الثلاثي الذي خلق الحدث بمونديال قطر

وصل أسود الأطلس محطتهم الأخيرة بكأس العالم قطر 2022، بعد تحقيقه لإنجازات تاريخية أفريقية هي الأولى في تاريخ القارة السمراء، والإشادة الدولية التي حظيت بها العناصر المغربية وكل مكونات الاتحاد الوطني للعبة، منذ المباراة الكبيرة أمام كرواتيا، والتي انتهت بالتعادل السلبي، والنتائج الإيجابية ضد المصنف الثاني عالميا ، بلجيكا، ومنتخب كندا في أخر لقاء في الدور الأولى، محطة لن تكون سهلة أمام رفاق لوكا مودريتش في مقابلة تحديد صاحب المركز الثالث، لكن قبلها لابد أن نستحضر مسار هذه الرحلة، بدء بتعيين الناخب الوطني، وليد الركراكي، ربانا وقائدا للكتيبة الوطنية خلفا للبوسني الفرنسي وحيد خاليلوزيتش، قبل شهرين من انطلاق المونديال، وسط مخاوف من عدم قدرته على بناء فريق متكامل ومنسجم لتمثيل الكرة المغربية أحسن تمثيل، لكنه كسر كل التكهنات والتوقعات وأعلن عن لائحته بكل جرأة وشجاعة، متصديا لكل محاولة التشويش الداخلية والخارجية من الجيران.

قاد الركراكي الأسود في ثلاثة لقاءات إعدادية، ونجح في حسم مبارتين لصالحه على حساب التشيلي وجورجيا، فيما تعادل مع منتخب البارغواي، رافعا التحدي أمام الجميع للبصم على أداء مشرف في البطولة، رغم كثرة القيل والقال حول استدعائه واستبعاده لعدد من اللاعبين، وخاصة الذين شاركوا في سباق التأهل لدوحة الخير 22.

ذو ال46 وجد بجانبه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي لم تذخر أي مجهود لدعم المنتخب ووفرت له كل الإمكانيات، من أجل تشريف ورفع الراية الوطنية عاليا، الجامعة وقبل التوجه صوب قطر انخرطت في ضمان تواجد الجماهير بالبطولة، من خلال توقيعها لاتفاقية شراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وشركة الخطوط الملكية المغربية، لتخصيص رحلات لمشجعي المنتخب المغربي بأسعار تفضيلية، حيث ستبرمج “لارام” رحلات إضافية مباشرة ذات طاقة استيعابية تصل إلى 3000 مقعد، وبسعر محدد في 5000 درهم (ذهابا وإيابا)، وهذا ما تحقق من خلال الأعداد القياسية لمناصري الأسود، الذين احتلوا شوارع مدن قطر في احترام لقواعد الدولة المستضيفة وسيادتها وشعبها وأعرافها.

ومع استمرار صحوة الأسود وكتابة التاريخ بأقدام كتيبة وليد، الذي خلق الحدث بشعاره “ديرو النية” وكتابة لقبه “راس لافوكا” في سجل الفيفا، والسعادة الكبيرة التي أغمر بها القلوب المغربية، بالتأهل للدور الثاني، والحدث البارز الذي سيظل التاريخ يذكرنا به، خروج جلالة الملك محمد السادس للاحتفال مع شعبه بعد الفوز على اسبانيا والبرتغال. فرحة جعلت الحلم يكبر، بعد بلوغ المربع الذهبي من منافسات كأس العالم والاستعداد لملاقاة خصم فرنسي سيدافع عن لقبه، وهو الذي توج بأخر نسخة منه.

قبل الاصطدام برفاق مبابي، العضو الجامعي محمد بودريقة يؤكد عبر “تدوينة” نشرها في صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، أن عملية توزيع التذاكر ستنطلق الثلاثاء عند الساعة العاشرة صباحا في ملعب “الجنوب” مشددا على ضرورة إحضار بطاقة “هيا” وجواز السفر من أجل تسلم التذاكر، مع ضرورة احترام التدابير الأمنية، يأتي ذلك من خلال التعاون بين السلطات القطرية والجامعة الملكية المغربية، رغبة منهما في ضمان حضور جماهيري لمساندة منتخب الأسود لتجاوز الديوك الفرنسية، غير أنه حدث ما لا يمكن لي الحسبان واختفت التذاكر نحو المجهول، بحسب تصريحات متفرقة للجماهير، التي طالبت بفتح تحقيق مع بودريقة الذي عين للإشراف على هذه العملية، لينضم إليهم اللاعب الدولي السابق، يوسف شيبو، الذي وصف الأمر بالفضيحة والصورة المسيئة للمغرب، بعد النجاح الكبير والسمعة التي بات يحظى بها المنتخب والجمهور أمام الجميع،

أزمة التذاكر وإعلان الخطوط الملكية المغربية عن وقف جميع الرحلات نحو قطر، أحبطت شيء ما أمل المغاربة في المرور النهائي وزرعت الشكوك في نفوس الجميع، حول الجهة التي من شأنها أن تكون وراء خلق هذه الأزمة؟ وما الغاية من منع ألاف المشجعين من مساندتها منتخبها؟ وهل لفرنسا دخل في الموضوع؟ وهل تكون المباراة حسمت لصالح الديوك بعد كل هذه المشاكل والعراقيل؟

رسائل كثيرة مررت عبر قنوات عالمية واتهمت أعضاء جامعيين مغاربة بإفساد فرحة الشعب والإتجار في التذاكر، ورغم كل هذا لم تخرج الجامعة ولو ببلاغ واحد تكشف فيه الأسباب الحقيقة وراء اختفاء التذاكر، ولم نر الناطق الرسمي يدافع عن زملائه وهم وسط الانتقادات، بل اكتفوا بالنظر إلى أعضائهم وهم يتهمون وينعتون ب”الشفارة” في روبوتاجات وتقارير إعلامية عربية وأجنبية، صمت غريب يدفع الجمهور إلى سحب الثقة من الجامعة رغم كل ما تحقيق من إنجازات كبيرة، ويبقى السؤال هل هناك من يجيش الجماهير على الأعضاء المتهمين بالاتجار بالتذاكر؟ وهل يا ترى بداخل الجامعة من ينشر الإشاعات والاتهامات ضدا في زملائه المتهمين؟

قدوم ماكرون لقطر لم يبعث الراحة لدى الجميع، فالكثيرون أحسوا بأن هناك أمر ما قد يحدث، وهو الذي وصل إلى قطر كأنه مسافر ومشجع عادي، دون اهتمام قطري وبروتوكل يليق برئيس جمهورية يحضر لدعم منتخب بلاده، انطلقت المباراة وملامح التوتر تزداد لدى الجميع، لاسيما بعد رفض الحكم المكسيكي منح ضربة جزاء أجمع على صحتها محللون وخبراء تحكيم دوليين، انحياز واضح في أغلب فترات المقابلة من الحكم للديوك أمام أنظار رئيس الفيفا والجمهور وشخصيات رياضية كبيرة حضرت للاستمتاع بأداء الأسود.

فرنسا سجلت هدف التقدم واتجهت العدسات نحو منصة الكبار، ماكرون سعيد بالهدف وسط استغراب الجالسين بجانبه كأنهم تأكدوا مما خطط له في الكواليس، فوصول المغرب إلى النهائي على حساب فرنسا سيخلق ضجة كبيرة ويبعث الروح في كل دول أفريقيا والدول الضعيفة للخروج وفرض مكانتها، وهذا ما لن يتقبله الغرب، الذي ينظر إلى أفريقيا والعرب نظرة دنيوية وأن مكانهم ليس بجانب الكبار.

انتهت المقابلة واتجهت الكاميرات نحو منتخب المغرب، الذي خلق الاستثناء وكأنه الفائز والمتأهل لا فرنسا، الأسود احتفلوا مع الجمهور في جو رائع وظلت التقارير تواكب الإنجاز المغربي والظهور الكبير، الذي أبانوا عنه بعزيمة إبن الدار وليد الراكراكي، غير متناسين الانحياز التحكيمي للديوك وكسر طموح أفريقي كتب بمداد من ذهب في سجلات الفيفا.

طويت صفحة فرنسا بما لها وما عليها، وخاض المنتخب المغربي المباراة الأخيرة في مشوار مشاركة العناصر الوطنية في منافسات كأس العالم قطر 2022، أمام منتخب كرواتيا، في لقاء تحديد صاحب المركز الثالث، الذي ذهب إلى رفاق لوكا مودريتش، بهدفين مقابل هدف، لتنتهي بذلك رحلة المغاربة في قطر وكأس العالم بمركز رابع للمرة الأولى في تاريخ الكرة المغربية والإفريقية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.