ناقش خبراء مغاربة وأجانب، أمس السبت في إطار الدورة 44 لموسم اصيلة في دورته الخريفية والدورة ال 37 لجامعة المعتمد بن عبد المفتوحة،القضية الأوروبية بين نوازع القوة والخروج من التاريخ ، والتحديات التي تواجه القارة العجور ومنظومة الاتحاد الأوروبي على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية .
وفي هذا السياق اعتبر الأمين العام لمؤسسة منتدى اصيلة محمد بن عيسى أن الندوة تعنى بالتطورات التي تعرفها أوروبا في السنوات الأخيرة واعكاساتها على دول الجنوب ، التي كانت في اغلبها مستعمرات لدول اوروبية ،مشيرا الى أنه تعددت في السنوات الأخيرة تحذيرات كبار القادة السياسيين والمفكرين الأوروبيين من انحدار بلدان الاتحاد الأوروبي بالخصوص الى خطر “الخروج من التاريخ” ، وهي الدول التي قادت عهد النهضة التي عرفها العالم منذ القرن 16 .
ومن وجهة نظر رئيس المعهد الدولي للسلام بالشرق الاوسط وشمال افريقيا البحريني نجيب الفريجي فإنه لا يوجد حاليا أي دليل على أن أوروبا تخرج من التاريخ ، بل إنها تواجه تحديات متنوعة ومعقدة ،سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها ، بسبب ظروف موضوعية وأخرى ذاتية ، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي على وجه التحديد لايزال يطلع بدور استراتيجي مهم وله تأثير على أصعدة حساسة مختلفة رغم أن العالم يعرف بروز قوى ناشئة تشق طريقها بثبات وتطلع في خريطة العالم الحاضر .
ورأى أن أوروبا ما عليها ، في ظل الظرفية الراهنة ،إلا تغيير سياستها الخارجية وبناء جسور تعاون قائمة على مفاميم وتقديرات جديدة مقبولة لدى الأطراف الأخرى ، خاصة وأن الدول الأفريقية لم تعد تقبل بمنطق الهيمنة وفرض التوجهات السياسية والاقتصادية والمالية ، كما على أوروبا مواجهة التحديات السياسية الداخلية والأمنية والهجرة ببعد نظر ،وتتكيف في المقابل مع صعود نفوذ دول أخرى منافسة .
وذهب وزير سابق للشؤون الأوروبية بايطاليا فينسينزو أمندولا الى أن التضامن داخل فضاء الاتحاد الأوروبي يعد من التحديات الأساسية التي يجب ان تعيرها المنظومة الأوروبية الكثير والمزيد من الاهتمام ،وتبحث على حلول ناجعة لها ، خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي تواجه تحديات الهجرة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ، ووضع منظور سياسي واضح المعالم في عالم متقلب ، مع إرساء قواعد أمنية واجتماعية وسياسية لضمان تطور سلس يستوعب كل التطورات .
وشدد على أن الاتحاد الأوروبي يجب كذلك أن يستمر في الاطلاع بدور أساسي في هذا العالم السائر نحو وضع متعدد الأقطاب ،وتضع مقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية مبتكرة تواكب وتساهم في ايجاد الحلول للتحولات الإقليمية والعالمية ولا تترك المجال للقوى الأخرى للقيام بذلك نيابة عنها .
وراى الدبلوماسي المغربي حسن أبو أيوب ان التعاون المشترك الواضح المعالم بين الاتحاد الأوروبي وباقي دول الجنوب يجب أن يقوم على أسس متينة بعيدة عن المفاهيم البائدة ،وينظر الاتحاد الأوروبي بمنظار جديد الى الجنوب ويعتبره كشريك استراتيجي ،كما على أوروبا أن تعزز السيادة الاقتصادية والمبادئ الديموقراطية وتحقق كذلك “سيادتها الأمنية والعسكرية ” ويكون لها الوقع المؤثر في عالم متطور بخطى سريعة على كل الاصعدة .
كما على أوروبا ، حسب الدبلوماسي المغربي ، مواجهة قضايا داخلية تتعلق بالجانب السياسي وتوحيد الخطاب الداخلي والانتباه الى تنامي الشعبوية والتطرف وما يعرف ب”الأزمة الديموقراطية” ونقائص النظام الاقتصادي ، إضافة الى مواجهة التحديات الديموغرافية و آثار التغير المناخي والمشاكل البيئية ذات الصلة ،وكذلك الحفاظ على الهوية الثقافية لأوروبا التي كانت في وقت ما نموذجا يحتدى به .
وابرز وزير الخارجية التونسي السابق خميس الجهيناوي أن السؤال الذي تطرحه حاليا الأوساط السياسية والمتتبعين لواقع حال أوروبا هو الى أي حد يمكن للاتحاد الأوروبي أن يواكب المتغيرات السياسية والاقتصادي الدولية ؟، وهل لازال النظام الأوروبي حاليا صالحا ونافعا في عالم متغير بسرعة ؟ ، وهل النظام الحالي يستطيع أن يضمن التوازن السياسي والاقتصادي بين دول الاتحاد الأوروبي؟ .
كما تساءل الديبلوماسي التونسي إن كان الاتحاد الأوروبي قد حقق الاندماج لدول أوروبا ذات الاقتصادات المتباينة والمفاهيم السياسية المتناقضة في أحيان كثير ، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتعامل بجكمة وتبصر وبعد نظر في علاقته الاستراتيجية مع باقي دول العالم ، وخاصة مع الحلفاء التقليديين .
وأضاف أن الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تأثير في المستقبل على كل الأصعدة ، وقد تجر أوروبا الى مشاكل كان بالإمكان تفاديها لو أن الاتحاد الأوروبي نجح في إدماج روسيا في منظومة القارة العجور أو على تم ضبط علاقة متوازنة وواضحة معها .
واعتبرت باقي المداخلات أن أوروبا ملزمة ببناء سياسة اقتصادية ومالية متناسقة وإنجاح مشروع الدفاع المشترك و إيجاد الحلول لمكامن الضعف في وقت سريع حتى لا تجد نفسها خارج السياق .
ويشارك في فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي وجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بمبادرة من مؤسسة منتدى أصيلة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبلدية أصيلة إلى غاية 26 أكتوبر الجاري، أزيد من 300 شخصية ومتحدث رفيع المستوى، إلى جانب برنامج ثقافي وفني غني.