دفعت التغيرات المناخية المرتبطة بقلة التساقطات المطرية وندرة المياه بمنطقة دكالة، الفلاحين إلى تحويل أنشطتهم وتغيير نمط زراعة العنب من “الزحاف” الذي اعتادوا على زراعته منذ القديم إلى العنب الدكالي الموضوع على أ سرة ودعامات من الإسمنت والسلك، والذي ي عرف بغزارة مردوديته الإنتاجية.
في هذا الصدد، أكد فتح الله فنيش رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية بأولاد افرج التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدكالة، في تصريح للقناة الإخبارية M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن فلاحي جماعة بولعوان يعرفون منذ سنوات بزراعة العنب بشكل عام والعنب الدكالي بصفة خاصة.
وأضاف فنيش أن منطقة نفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ببولعوان تتوفر على 4700 من الهكتارات مخصصة للعنب أغلبها من العنب الدكالي الذي تم ترميزه في إطار المخطط الأخضر كمنتوج مجالي، حيث وقع تحول كبير في مجال زراعة العنب بعد تحويل نظام الري من الري بالرش إلى السقي بواسطة التنقيط انطلاقا من سنة 2011 مع الاستفادة من الإعانة التي تخصصها وزارة الفلاحة في هذا الباب.
وأضاف رئيس مقاطعة التنمية الفلاحية بأولاد افرج أن العنب الدكالي يتوفر على مميزات وخصوصيات فيزيولوجية مهمة منها تكيفه مع الأجواء الجافة، فهو يفضل تربة رملية ويعطي إنتاجا مهما بالاعتماد على الري بالتنقيط، وهو ما يشجع الفلاحين على التحول نحو زراعة العنب الدكالي، إذ ارتفعت المساحة حاليا إلى 270 هكتارا.
وأوضح أن المردودية مهمة بالنسبة لزراعة العنب الدكالي، حيث تتراوح ما بين 20 إلى 35 طنا في الهكتار الواحد، في حين لا تتجاوز 4 إلى 6 أطنان في الهكتار بالنسبة للعنب الزحاف” الذي يعتمد على مياه الأمطار فقط.
ودفعت عدة عوامل فلاحي بولعوان إلى تغيير نمط زراعتهم القديمة للعنب نحو العنب الدكالي، منها ندرة المياه والتقلبات المناخية.. وفي هذا الصدد يؤكد نبيل الريطب رئيس تعاونية بمنطقة بولعوان أن جل الفلاحين بالمنطقة حولوا اهتمامهم وطوروا زراعتهم معتمدين على زراعات بديلة خاصة في ما يتعلق بالأشجار المثمرة كالعنب الدكالي بعد تحويل عملية السقي بالاعتماد على الري بالتنقيط.
وأضاف الريطب أن زراعة العنب الدكالي تتطلب دراية واستعدادا كبيرين يبدأ بتهييء الأرض وتجهيزها بآليات خاصة منها دعامات إسمنتية وأسلاك حديدية.
وحسب المهنيين، يتطلب تجهيز الهكتار الواحد من ناحية البنية التحتية واليد العاملة والمبيدات الحشرية غلافا ماليا قد يصل إلى 100 ألف درهم.
بالإضافة إلى ذلك، تستلزم عملية زراعة العنب الدكالي دراية وخبرة طيلة مدة 7 أشهر قبل نضج الفاكهة لأنها معرضة لعوامل خارجية منها تأثير ارتفاع الحرارة وظهور أمراض فطرية خاصة البياض الدقيقي.
وتختلف زراعة العنب الدكالي عن زراعة العنب “الزحاف”، التي ورثها فلاحو منطقة بولعوان عن آبائهم وأجدادهم والتي تعتمد بالدرجة الأولى على مياه الأمطار، إذ كلما كان الموسم مطيرا كان المنتوج أوفر.
وصرح محمد المحمودي (فلاح من المنطقة البورية)، أنه اعتاد على زراعة العنب “الزحاف”، إذ يقوم بتنقية الحقل بداية من شهر يناير وينتظر سقوط الأمطار لجني المحصول في شهر يوليوز، حيث إن هذا المنتوج ينضج مبكرا بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
وأضاف أن العديد من الحقول لم تعد صالحة لممارسة الأنشطة الزراعية بسبب قلة الأمطار في السنوات الماضية، مما دفع بالعديد من الفلاحين الذين يتوفرون على الإمكانيات المادية إلى نزع “الداليات” الموجودة وتعويضها بالعنب الدكالي المعتمد على السرير، أي الدعامات الإسمنتية أو الحديدية.
تجدر الإشارة إلى أن المديرية الجهوية للفلاحة تعمل على تأهيل وتنظيم القطاع وتثمين المنتوج ما مكنها من الحصول على علامة الترميز” بيان جغرافي العنب الدكالي” خلال الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس الذي أقيم شهر أبريل من سنة 2014.