عمر المرابط-ومع
أثار القرار الذي اتخذته شركة “فيروفيال” الإسبانية متعددة الجنسيات المتخصصة في البنية التحتية للنقل، نقل مقرها الرئيسي إلى هولندا، جدلا حادا في دوائر الأعمال والسياسة بإسبانيا، وذلك قبل شهر ونصف على الموعد المحدد لتنظيم الانتخابات البلدية والانتخابات والجهوية.
الإعلان عن هذا القرار تم في بداية شهر مارس بدافع البحث عن “المزيد من الاستقرار الضريبي”، قبل أن يتأكد ذلك بشكل قاطع يوم الخميس الماضي من قبل الجمعية العمومية لمساهمي الشركة، والتي تروم من خلال هذا القرار المساهمة في بورصة أمستردام، ثم في بورصة نيويورك.
ووافق اجتماع الجمعية العمومية، الذي حضره 77.6 في المائة من المساهمين الحاضرين والممثلين، بأغلبية كافية على النقطة العاشرة المدرجة في جدول أعمال الاجتماع، والتي تتعلق بالاندماج المقترح عن طريق استيعاب الشركة الإسبانية الأم (FerroVial SA) من خلال فرعها في هولندا (Ferrovial International SE).
وتعد هذه العملية التي أقدمت عليها الشركة المذكورة خطوة أولية وضرورية في تغيير المقر الاجتماعي والموطن الضريبي للشركة الإسبانية من مدريد إلى أمستردام.
وفي ما يشبه تحذيرا موجها بشكل واضح إلى الحكومة الإسبانية، التي تعارض العملية والتي تخوض معها إدارة “فيروفيال” مواجهة حادة منذ الإعلان عن الاندماج عبر الحدود، قال رافائيل ديل بينو، الرئيس التنفيذي للشركة، وأحد أغنى رجال الأعمال في إسبانيا، إن هذه الخطوة “هي جزء من حرية المؤسسة التي تغذي جوهر الاتحاد الأوروبي”.
ودافع ديل بينو عن الدوافع الاقتصادية للعملية ورفض في الوقت نفسه أنها صفقة الغرض منها الاستفادة من الضرائب الملائمة في هولندا والإعفاءات الضريبية.
وأوضح أن “الاندماج (بين الشركة الأم وفرعها في هولندا) هو جزء من التطور الطبيعي للشركة، وهو ضروري لتحفيز نموها وتسهيل الوصول إلى أسواق الرساميل وتحسين قدرتها التنافسية”، (…) الضرائب التي ستدفعها فيروفيال بعد هذه العملية ستكون مشابهة بشكل كبير لتلك التي كانت تدفعها قبل ذلك”.
الحكومة الإسبانية، المتفاجئة والغاضبة من هذه الخطوة، انتقدت بشدة إدارة الشركة متعددة الجنسيات، متهمة إياها بالاستفادة من المساعدات العامة قبل التخلي عن البلاد، على نحو ما ورد في تصريحات لوزيرة الاقتصاد الإسبانية، نادية كالفينو، في أعقاب إجرائها لمحادثة هاتفية مع الرئيس التنفيذي للشركة، رفائيل ديل بينو، أبلغته خلالها عدم موافقة الحكومة على رحيل عملاق البنية التحتية الإسبانية إلى هولندا، بعد أكثر من 70 عاما من الوجود في الأراضي الإسبانية.
وأشارت المسؤولة الإسبانية إلى أن “الأمر يتعلق بشركة تدين بكل شيء لإسبانيا. ومن غير المقبول بالنسبة لشركة ولدت وتطورت في إسبانيا، بفضل الاستثمار العام للمواطنين الإسبان، أن تظهر مثل هذا الافتقار إلى الالتزام تجاه بلادها”.
الحكومة لم تقل كلمتها بعد، وهي تنتظر “تفاصيل إعادة هيكلة فيروفيال من أجل تحليل والقيام عن كثب برصد الآثار المحتملة لهذا القرار الخاطئ”، تضيف الوزارة.
وكانت هذه القضية، التي تصدرت عناوين الصحف الإسبانية، قد تحولت إلى موضوع رئيسي للجدل السياسي بإسبانيا قبل ستة أسابيع من انتخابات حاسمة ينتظرها الإسبان، حيث انتقدت أحزاب المعارضة، وأبرزها الحزب الشعبي، بشدة طريقة إدارة الحكومة الائتلافية لموضوع شركة “فيروفيال”، متهمة إياها بفرض “ضرائب مفرطة” على الشركات الكبرى.
وبحسب أحزاب المعارضة، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من أجل مواجهة ارتفاع التضخم أضرت بنسيج ريادة الأعمال، مما دفع الشركات الكبيرة، مثل “فيروفيال”، إلى مراجعة وضعها الضريبي والانتقال إلى دول أخرى تقدم المزيد من الحماية الضريبية.
لكن حكومة بيدرو سانشيز، التي تقول إنها تحترم قرار الشركة الإسبانية متعددة الجنسيات، تدافع عن سياستها الضريبية وتؤكد على التزامها بجذب الاستثمارات الأجنبية في إطار آمن ومناسب.