توصلت الحكومة المغربية بداية هذا الأسبوع إلى اتفاق مع النقابات الأكثر تمثيلية والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بخصوص زيادة أجور موظفي القطاع العام والمؤسسات العمومية الذين لم يتم تعديل أجورهم بعد، حيث سيتم صرف مبلغ شهري صافي يبلغ 1000 درهم على دفعتين، هذا الاتفاق صاحبته ردود فعل متباينة.
وفي هذا السياق، قال عبد الإله دحمان الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، في تعليق له على مخرجات الاتفاق الحكومي، “في إطار مواكبة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، لمجريات الحوار الاجتماعي ومخرجاته، فإننا أولا نستغرب القبول بعرض اجتماعي لا يتجاوب مع تحديات الوضع الاجتماعي، حيث تضمن الكثير من النوايا والقليل من الالتزامات الدقيقة والمجدولة زمنيا وماليا.
وأضاف دحمان في تصريح خص به جريدة الأول للأخبار “نرفض مضمون هذا الاتفاق الشارد الذي لا يجيب على إشكالات الوضع الاجتماعي المرتبطة باستمرار نزيف القدرة الشرائية جراء غلاء الأسعار، سواء من حيث تعزيز منظومة الأجور أو من خلال الزيادة المباشرة او التخفيض الضريبي أو عبر إجراءات تحسين الدخل عموما”.
وأكد أن الجامعة الوطنية تعتبر الاتفاق الحكومي “شاردا”، مبررا ذلك بقوله “لأنه لا يستحضر الوضع الاجتماعي المتأزم، جراء تدهور القدرة الشرائية للشغيلة المغربية وعموم المواطنين نتيجة استمرار غلاء أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساس”.
وأردف “كما نرى انه ينسخ ويقفز على مقتضيات اتفاق 30 أبريل2024 دون تفعيلها، رغم محدوديتها من قبيل مأسسة الحوار الاجتماعي، حيث لم يتم احترام جولات الحوار الاجتماعي المنصوص عليها في الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي سواء على المستوى القطاعي او الترابي، بالاضافة الى تكريس التنازل والتنصل من كل الالتزامات السابقة، الذي ظل السقف النقابي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب عنيدا في حمايتها، سواء تعلق الأمر بمقتضيات اتفاق 26 ابريل 2022، أو اتفاق 25 أبريل 2019. فإذا به يقبل بعرض هزيل تضمن الكثير من النوايا والقليل من الالتزامات الدقيقة والمجدولة زمنيا وماليا”.
وتابع القيادي النقابي “بخصوص المحور التشريعي فإن الاتفاق الشارد اجتماعيا لم يقدم رؤية مندمجة موحدة تضمن جدولة صريحة للزمن التشريعي المتعلق بإخراج القانون التنظيمي المنظم للحق في الإضراب وقانون النقابات ومراجعة قانون مدونة الشغل، لأن التنصيص على قانون تنظيم الحق في الإضراب دون قانون النقابات يبقى دون جدوى بل ويجهز على الحق في الإضراب والاحتجاج، سينا في ظل عدم إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والمصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87. ناهيك عن مصير القوانين المنظمة لحوادث الشغل، وبالتالي فان الاتحاد يسجل استغرابه من الصيغة العامة التي وردت بها الإشارة إلى مراجعة هذه القوانين دون تدقيق أو جدولة واضحة”.
وبخصوص مراجعة الترسانة القانونية المؤطرة لانتخابات اللجان الثنائية وانتخابات مناديب العمال، يضيف النقابي “إننا نؤكد أن الاتفاق الشارد يتضمن إعلانا عاما لنية مراجعة هذه الترسانة، مما يشكل انتهاكا صارخا لقواعد التشارك ومسا خطيرا بأسس التنافس الشريف بين المنظمات النقابية في المحطات الانتخابية الخاصة بها حيث ينتظر أن تعمل هذه الحكومة مع النقابات المقربة منها والمدعومة من طرفها على تعديل القوانين والنصوص التنظيمية المذكورة بناء على ما يحقق مصلحتها. وهو ما يحذر منه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الذي سيواجهه بكل الوسائل المشروعة”.
وأضاف النائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب “نحذر في هذا الإطار من الانحياز لمنطق المقايضة على حساب حقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية من خلال تمرير إصلاح أنظمة التقاعد والموافقة على تحميل الشغيلة المغربية عبء ما يسمى الإصلاح”، معتبرا أن هذا الاتفاق “لم يتجاوب مع مطالب الكثير من الفئات المتضررة من قبيل المتصرفين والتقنيين والمهندسين…بل وقفز ا ملف المتقاعدين من خلال أي إشارة لتعزيز معاشهم. لكل ذلك نرفض مضامين هذا الاتفاق الشارد اجتماعيا” .
وتعليقا على قيمة الزيادات التي نص عليها الاتفاق الحكومي، قال عبد الإله دحمان “هذه الزيادة لا تحقق مبدأ التوازن في الأجور وسد الفجوات، إلي أحدثتها الزيادات المتتالية في منظومة الأجور، ثم هي زيادة تمييزية لأنها استردت الزيادات السابقة لبعض القطاعات من قبيل التعليم والصحة ، وعموما فهي زيادة لا ترق إلى الانهيارات التي وقعت في القدرة الشرائية. كما نسجل ترحيل الزيادة في الأجور بالنسبة للقطاع الخاص الى السنوات المقبلة، مما نعتبره التفافا غير مبرر في حق شغيلة القطاع الخاص في زيادة مباشرة حقيقية في أجورهم”.
إما بخصوص برمجة التخفيض الضريبي، يضيف دحمان “فان متعلقاته القانونية والتنظيمية والمالية غير ناضجة وفضفاضة، وهو ما يشي بكون مآل هذا الاتفاق لن يختلف عن مآل كل تلك الوعود التي قدما التحالف الحكومي في برامجه الانتخابية”.
وجوابا على سؤال الإسراع في إخراج الزيادات قبل فاتح ماي هل هو إسكات للشغيلة وتهدئة الوضع”، قال الكاتب العام الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم “طبعا هو كذلك ، وإلا لما درجت الحكومات على توقيع الاتفاقات عشية فاتح ماي، لهذا السبب، فالمفروض في مأسسة الحوار الاجتماعي كما نص الميثاق المتحدث عنه، أن تكون هناك جولات راتبة وجدولة زمنية وقضايا وملفات واضحة، وحوار يتكامل فيه البعد القطاعي والترابي والمركزي، وبالتالي هذه زيادة للالتفاف على المطالب الحقيقية للشغيلة المغربية في ظل أزمة اجتماعية نتيجة التضخم وتداعياته على منظومة الأسعار”.
وبخصوص موقع رجال ونساء التعليم من الزيادات، قال القيادي النقابي “هذا الاتفاق يقصي نساء ورجال التعليم ويسترد الزيادة السابقة ويعود بمستوى الأجور إلى رتبتها المتصلة للقطاع العام ،وهذه مقاربة تمييزية غير مقبولة، لأن هناك وعود مرتبطة مثلا بالزيادة في إطار التعويضات التكميلية تم ترحيلها إلى الحوار الاجتماعي والمتعلقة أساسا بأساتذة الابتدائي والإعدادي والمختصين ..الخ وبالتالي هذا الاتفاق افرغ ما توصل إليه الحوار القطاعي في التعليم”.
وختم تصريحه بالتأكيد على أن “هذا الاتفاق الشارد يكرس منطق المقايضة بحقوق الشغيلة المغربية لتمرير الملفات الاجتماعية الكبرى (التقاعد) ، ويقصي بعض مكونات الشغيلة المغربية من الزيادة العامة في الأجور ويلتف على حقوقها(التعليم أولا )، بل ويفرغ الزيادة السابقة من مضمونها”.