مها رشيد-ومع
يتزامن الدخول المدرسي لهذه السنة مع تفعيل خارطة الطريق المتعلقة بإصلاح المنظومة التربوية الوطنية للفترة 2022-2023، والتي تجسد إرادة راسخة من الحكومة للدفع قدما بهذا الورش الاستراتيجي وذي الأولوية بالنسبة للمغرب.
وسيكون على تلاميذ المستويات الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكذا المتدربين التقنيين المتخصصين، الالتحاق يوم 5 شتنبر الجاري بمقاعد الدراسة. وسيشكل هذا الدخول، الذي يأتي في ظرفية التعافي من تبعات جائحة “كوفيد -19″، مناسبة لتنزيل إرادة إصلاح منظومة التربية على أرض الواقع.
وجعلت الحكومة من إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي أولوية أولوياتها، حيث تسعى إلى تقديم عرض تعليمي ذي جودة لمختلف شرائح المجتمع، على قدم المساواة، بصرف النظر عن سن المتعلم.
وعلى هذا الأساس، يكون المغرب قد ارتقى بالنهوض بالتربية والعلوم والثقافة أولوية وطنية، ويعتبره دعامة مهمة لبلوغ أهداف التنمية المستدامة، حيث يتلخص الهدف الرابع في ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.
ويروم هذا الهدف الرابع، على الخصوص، ضمان ولوج الجميع، ذكورا وإناثا، إلى تربية منصفة ومجانية وذات جودة على امتداد كل المراحل العمرية، من خلال إزالة الفوارق على أساس الجنس والدخل. كما يؤكد على ضرورة اكتساب المهارات الأساسية وعلى مستوى عال للعيش في مجتمع مستدام.
ووعيا منه بهذه الرهانات، قام المغرب بإعداد مشروع خارطة طريق لإصلاح المنظومة التربوية الوطنية برسم موسم 2022-2023. ويتعلق الأمر بورش استراتيجي يهدف إلى تحقيق نهضة تربوية قوامها توفير الظروف الملائمة للطفل، لإكمال التعليم الإجباري وتطوير الملكات والقدرات، مع الحرص على تمكينه من الدعم الاجتماعي للدولة والشركاء، في إطار مقاربة شمولية.
وتتمحور خارطة الطريق هذه، التي تندرج في إطار استمرارية عملية إصلاح المنظومة التربوية بالمغرب، حول مرجعيتين استراتيجيتين على المدى البعيد، يجسدها القانون الإطار 17-51 والنموذج التنموي الجديد للمملكة؛ فضلا عن مرجعية استراتيجية تهم المدى المتوسط يتضمنها البرنامج الحكومي.
ويرى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى أن هذه المرجعيات الاستراتيجية المختلفة تضع أهدافا ثلاثة هي إلزامية التعليم، وضمان التعلم، وتحفيز الانفتاح.
ولتحقيق هذه الأهداف، أكد الوزير أنها تمر عبر تقليص نسبة الهدر المدرسي بنسبة الثلث (أزيد من 300 ألف طفل وشاب يغادرون المدرسة كل سنة)، فضلا عن تحسين جودة المكتسبات والمعارف بالمدرسة من خلال رفع نسبة المكتسبات الأساسية للمتعلمين إلى الثلثين، عوض ثلث واحد المسجلة حاليا، والسهر على أن يستفيد نصف المتمدرسين من الأنشطة الموازية عوض الربع حاليا.
وشدد الوزير على أن تنزيل هذا التغيير على أرض الواقع يتأسس على خمسة مبادئ عمل، ضمن إطار من الثقة والمسؤولية، وذلك بهدف بلوغ استدامة ونجاعة وتقوية قدرات الفاعلين داخل المدرسة العمومية، وتحفيز استقلاليتهم، من خلال اعتماد مقاربة منهجية وتشاركية قوامها النتائج ودرجة التأثير على المتعلم.
وفي هذا السياق، أشار بنموسى إلى أن خارطة الطريق هذه تقوم على ثلاثة محاور أساسية هي المدرس والطالب والمؤسسات التعليمية، الموزعة على عشر دعامات استراتيجية تتأسس على الجودة.
وعلى مستوى تطوير الرأسمال البشري، سجل الوزير دور الجسم التعليمي، باعتباره مكونا أساسيا من مكونات تحويل المنظومة التربوية الوطنية. ولهذا الغرض، يشكل تثمين وتكوين والتزام المدرسين محاور رئيسية ضمن خارطة الطريق.
أما على مستوى البنيات التحتية المخصصة، تشير خارطة الطريق إلى تشييد مؤسسات تعليمية عصرية، يؤطرها فريق بيداغوجي دينامي وتقدم إطارا واعدا.
من جهته، أوضح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مؤخرا، أن ورش إصلاح منظومة التربية والتكوين الجديد يروم تمكين التلاميذ من الاستفادة من المعارف الأساسية وجعلهم يكملون تعليمهم الإلزامي.
وأبرز أن خارطة الطريق التي أعدتها الحكومة، بتشاور مع كل الأطراف المعنية، تهدف إلى تعميم التعليم الأولي بحلول سنة 2028 وضمان جودته، بما ييسر انتقالهم إلى المتعلمين إلى التعليم الابتدائي، من خلال إنشاء 4 آلاف وحدة في السنة لفائدة الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و6 سنوات.