في عالم المستديرة، حيث تحلق الأحلام فوق العشب الأخضر، هناك فئة تصر على أن تبقى اللعبة ملكا للجميع، مهما كانت التحديات، في حلقة جديدة من بودكاست “هذا ما كان”، فتحنا نافذة على عالم كرة القدم لذوي الإعاقة، واستضفنا نزهة الطركزي، رئيسة فريق النهضة الأكاديرية لمبتوري الأطراف، التي حملتنا في رحلة من المعاناة إلى المجد، من العثرات إلى البطولات، ومن الإقصاء إلى رفع الكؤوس عاليًا.
لم يكن طريق النهضة الأكاديرية مفروشا بالعشب الأخضر، بل كان ممتلئا بالحجارة والأشواك، حيث بدأت القصة بحلم يصطدم بأسوار البيروقراطية، وبأبواب موصدة ترفض الاعتراف بقدرة هؤلاء الأبطال على منافسة الزمن والانتصار عليه، لكن رغم الصمت والتجاهل، نجح الفريق في كتابة اسمه بأحرف من ذهب، متوجا ببطولة المغرب 2024 وكأس العرش، رافعا شعار “نحن هنا وكرة القدم تتسع للجميع”.
بصوت يختلط فيه الفخر بالحسرة، تحدثت نزهة الطركزي عن أولئك الذين يحاربونها في العلن والخفاء، وكأن منح هؤلاء الأبطال فرصة اللعب يعد جرما يستوجب العقاب، ولم تشتك من قلة الإمكانيات بقدر ما اشتكت من غياب الإرادة لدى من يملكون القرار، ففي زمن تصرف فيه الملايين على كرة القدم، يبقى حلمها بسيطا ملعب خاص ومقر يحتضن فريقها، بدل البحث عن أماكن للتدريب وكأنهم عابرون بلا هوية رياضية.
بعيدا عن الأضواء، كانت هناك يد تمسك بها، وكتف تستند عليه، عائلتها لم تكن مجرد داعم، بل كانت الوقود الذي جعلها تصمد أمام العاصفة، ولم تكن وحيدة وهي تشق طريقا لم يكن ممهدا، بل كان محفوفا بالكثير من الأسئلة والصعوبات.
في ختام حديثها، وجهت نزهة الطركزي رسالة لا تحتاج إلى تأويل “الكرة للجميع، والرياضة حق وليست امتيازا”، وهي دعوة صادقة لمن بيدهم القرار أن ينظروا إلى هؤلاء اللاعبين لا بعين الشفقة، بل بعين الاحترام والتقدير، فهذه ليست رياضة للتسلية، بل ملحمة من الكفاح اليومي، يتحدى فيها اللاعبون إعاقتهم، ويهزمون قيود المجتمع قبل أن يهزموا خصومهم على أرض الملعب.
إن كنت من عشاق كرة القدم الحقيقية، فاستمع إلى الحلقة الجديدة من بودكاست “هذا ما كان”، حيث تروى الحكايات التي لا تجد طريقها إلى العناوين الكبرى، لكنها تبقى الأكثر صدقا والأكثر إلهاما.