إعداد: ماريا معتضد (ومع)
يكتسب شهر رمضان الأبرك أهمية خاصة بالنسبة للجالية المغربية المقيمة في فرنسا. فهو يرقى عن كونه مجرد مناسبة دينية، ليصبح رمزا للتعبئة التضامنية بين أبناء الجالية، وفرصة لتقديم العون والمساعدة للمحتاجين.
وتجسد هذه التعبئة، التي تتجلى من خلال العديد من المبادرات، قيم التضامن والكرم والمشاطرة التي تميز الثقافة المغربية. ومن أهم مظاهر هذا التضامن توزيع وجبات الإفطار على المحتاجين، سواء كانوا من أصل مغربي أم لا.
وفي قلب المدينة الدولية الجامعية بباريس، جسدت العديد من الجمعيات المغربية، بما في ذلك “جمعية إيشمارين فرنسا للتنمية”، القيم العريقة للكرم والتضامن المغربي مع الطلاب الأجانب. وفي هذا الإطار، استضافت “دار المغرب” المئات من الطلاب من مختلف الجنسيات، بما في ذلك المغاربة، لحضور “إفطار تضامني”.
وخلال هذا الحدث الذي أقيم يوم الأحد الماضي، تمتع هؤلاء الطلاب بتشكيلة رائعة من الأطباق المغربية الشهية، التي أعدها متطوعون، في دعوة لاكتشاف النكهات الأصيلة للمطبخ المغربي التقليدي.
وفي هذا السياق، أعرب رئيس “جمعية إيشمارين فرنسا للتنمية” بباريس، مصطفى نايت علي، عن “فخره الشديد برؤية التضامن داخل الجالية المغربية لدعم الطلاب الذين يجدون أنفسهم وحيدين بعيدا عن عائلاتهم خلال شهر رمضان”.
وأكد نايت علي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التضامن يتجاوز الحدود والاختلافات الفردية، مشيرا إلى أن مواكبة “دار المغرب” كانت ضرورية لتنظيم هذا الحدث لهؤلاء الطلاب الذين هم في أمس الحاجة إليه.
من جانبها، وصفت شهرزاد أوجبور، وهي ناشطة جمعوية شاركت في تنظيم هذه المبادرة التضامنية، هذا الحدث بـ “الاستثنائي”، معربة عن سعادتها بنجاح هذه المبادرة التي كانت مفتوحة في وجه جميع الطلاب.
وبالإضافة إلى وجبات الإفطار، تم إطلاق العديد من المبادرات المغربية في فرنسا لتوزيع المواد الغذائية على الأسر المعوزة. ويتم تنظيم حملات لجمع المواد الغذائية في العديد من المساجد والجمعيات والمقاولات المغربية في فرنسا، مما يسمح بتكوين س لال غذائية مخصصة للفئات المعوزة. وتهدف هذه المبادرات إلى ضمان حصول الجميع على وجبة خلال الشهر الفضيل.
وفي حي فلاندرز النابض بالحياة، الواقع في الدائرة التاسعة عشرة من باريس، يتميز الجزار موسى بالتزامه تجاه الجاليات المسلمة خلال هذا الشهر الفضيل. فكل يوم، يتعبأ لجمع المواد الغذائية الأساسية، مثل الأرز والمعكرونة واللحوم المعلبة والتمر، لتوزيعها على الأسر المحتاجة.
وبالنسبة لهذا الجزار الشاب المغربي، فإن رمضان، علاوة على كونه شهر عبادة، “هو شهر للتضامن لتلبية احتياجات الآخرين، خاصة أولئك الذين يعانون من الجوع والفقر”.
ولا تقتصر هذه المبادرات على كونها مجرد أعمال خيرية، بل تجسد التزاما مدنيا وإنسانيا، وتساهم بشكل فعال في بناء عالم أكثر عدلا وتضامنا.
ورمضان هو أيضا وقت لم شمل المغاربة في فرنسا، حيث تتعزز الروابط الاجتماعية وتلتقي الأجيال، خاصة في وقت الإفطار، في روح من الأخوة والكرم.
وتتحول المساجد والمراكز الثقافية والجمعيات إلى فضاءات تطبعها المشاطرة والمناقشات والدعم المتبادل، مما ينسج خيوط مجتمع أقوى ومتحد.
هكذا، وعلى الرغم من بعد المسافة عن وطنها الأم، تحرص الجالية المغربية المقيمة في فرنسا على إحياء هذا الشهر الفضيل كما ينبغي وتجسيد قيم الرحمة والتضامن والكرم.