كريمة حاجي-ومع
“يدا في يد لمكافحة تسمم الدم” هو شعار حملة سيتم إطلاقها بالمغرب بمناسبة اليوم العالمي لمرض “تسمم الدم” (Sepsis)، الذي يصادف 13 شتنبر من كل عام، وذلك بهدف التوعية بأهمية الوقاية والتكفل الطبي المبكر لتفادي هذا التهديد الصحي الذي يتسبب في 11 مليون وفاة سنويا عبر العالم، ما يعادل وفاة واحدة في كل 2,8 ثواني.
وتهدف الحملة إلى تحسيس عموم المواطنين وكذا مهنيي الصحة بمختلف مناطق المملكة بخطورة هذا المرض، فضلا عن تحفيز التفكير وإثارة النقاش مع السلطات المعنية والشركاء في قطاع الصحة حول أفضل الطرق للوقاية من هذا المرض الذي يهدد الحياة، ومقاومته باعتباره مشكلة صحة عمومية على الصعيد العالمي.
وفي هذا الصدد، تؤكد السيدة جميلة حجال، مؤسسة “الجمعية الفرنسية لتسمم الدم”، التي تضم في عضويتها عائلات المرضى ومهنيين في قطاع الصحة بكل من المغرب وفرنسا، أن الهدف من تنظيم هذه الحملة على مدى عدة أشهر من السنة الجارية هو “أن نتقاسم مع جميع الجهات المعنية في المغرب المعلومات حول الممارسات الفضلى المعتمدة في مجال مكافحة هذا المرض الفتاك”.
فبالنسبة لعموم المواطنين، ترتكز هذه الحملة التواصلية على إنتاج سلسلة من الفيديوهات التربوية باللغة العربية الفصحى واللغة الفرنسية، من إنجاز أطباء من تخصصات مختلفة، ينخرطون في عملية التكفل الطبي متعدد التخصصات بمرضى الداء (الإنعاش والتخدير، الأمراض التعفنية، أمراض الجهاز العصبي وطب الأطفال وتخصصات أخرى).
وسيجري نشر هذه الفيديوهات على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي. كما من المبرمج إجراء مجموعة من الحوارات والمشاركة في برامج متخصصة في مجال الصحة، على أثير الإذاعات أو على شاشات التلفاز، لأجل نشر التوعية والتحسيس بمرض تسمم الدم.
أما بالنسبة لمهنيي الصحة، فقد تم تحضير أشرطة فيديو ذات محتوى علمي، مصممة من طرف خبراء دوليين في مجال تسمم الدم، تندرج، أيضا، ضمن برنامج عمل “الجمعية الفرنسية لتسمم الدم” في المغرب.
ومن بين أقوى فعاليات الحملة التواصلية، عقد ندوة علمية عن بعد، يوم 3 أكتوبر المقبل، من تأطير خبراء مغاربة ودوليين. وحول واقع المصابين بهذا المرض، تؤكد السيدة جميلة حجال، وهي عضو هيئة الخبراء الدوليين في مجال تسمم الدم، وقائدة اللجنة الصحية بالهيئة العالمية للخبراء في جنيف، أن “ضعف المعرفة وعدم كفاية تعبئة الفاعلين المعنيين، يؤثران صحيا وطبيا وسوسيو- اقتصاديا على المريض وعلى محيطه، كما على المنظومة الصحية”، مبرزة أن داء تسمم الدم تتمخض عنه العديد من الأمراض الخطيرة التي تؤثر على أمد حياة المرضى وعلى نفقات الأنظمة الصحية، دون احتساب عدد الوفيات التي يمكن تفادي وقوعها. وتبعا لذلك، تضيف مؤسسة الجمعية، “يصبح الوعي والتحسيس بالمرض من التحديات الأساسية في مسار مكافحة هذه الآفة الصحية غير المعروفة”، مبرزة أنه ” في السياق المغربي، حيث بات إصلاح المنظومة الصحية من الأولويات، فإن المقاربة التي نعتمدها، ترتكز على الانخراط ومشاركتنا جميع الأطراف المعنية لتشكيل وعي جماعي بالمرض، إضافة إلى دعوة السلطات العمومية إلى وضع استراتيجيات تسمح بتأمين الوقاية من المرض وتشخيصه والتكفل السريع والملائم به”.
يشار إلى أن “الجمعية الفرنسية لتسمم الدم” تسعى منذ تأسيسها سنة 2020، ومن خلال مجموع الأنشطة المبرمج تنفيذها في المغرب، إلى “إنقاذ حياة العديد من المرضى عبر تنمية المعارف بالمرض لدى عموم الناس وتحسيس مهنيي الصحة بالدور الحاسم للتشخيص السريع، أو ما يصطلح عليه بـ”الساعات الذهبية ” (Golden hours) في عملية التكفل الطبي المناسب بتسمم الدم”. ويعد ذلك من الدوافع القوية التي دفعت السيدة جميلة حجال إلى تأسيس جمعية ت عنى بالمصابين بهذا المرض، وذلك على إثر فقدانها لفلذة كبدها “فارس”، الذي توفي عن عمر 13 سنة جراء إصابته بهذا المرض.
وجدير بالذكر أنه بحسب منظمة الصحة العالمية، يعد داء تسمم الدم أو ما يسمى أيضا بـ “تعفن الدم” أو “داء الانتان”، حالة صحية ذات طبيعة استعجالية وذات أولوية للصحة العمومية على الصعيد العالمي.
كما يعد هذا المرض أول سبب للوفيات التي يمكن تفاديها في العالم، وينتج عن اضطراب في النظام المناعي، الذي بدلا من العمل على محاربة العدوى بالتعفنات، يعمل على تخريب أعضاء وأنسجة الجسم، ما يتسبب في فشل وظيفي لعدد من الأعضاء الحيوية في الجسم والتعرض لصدمة تعفن الدم، وأخيرا الوفاة. وهو تعفن عام ينشأ عن الإصابة بعدوى أولية على مستوى الدورة الدموية، وغالبا ما ينتج عن تعفنات ببكتيريا أو فطريات أو فيروسات، لم تخضع للعلاج أو عولجت بطريقة سيئة، ما يؤدي إلى “تعفن الدم”.
ويعد تسمم الدم من الأمراض التي قد يتعرض لها جميع الأشخاص، بغض النظر عن السن أو الجنس أو المعطيات الجغرافية، إلا أن بعض الأشخاص يصنفون ضمن الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة به: الرضع، النساء الحوامل، الأشخاص المتقدمون في السن، المصابون بضعف المناعة أو بأمراض مزمنة والأشخاص المنتمون إلى أوساط ضعيفة الموارد.