عزيز غالي.. حين يطيح الحقوقي بثوابت الوطن

حرية التعبير حق مكفول، لكن عندما تتحول إلى منصة للتشكيك في وحدة الوطن وسيادته، فإنها تتجاوز حدود الحق لتصبح خيانة مستترة تحت عباءة “الحقوقية”، وعزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يبدو أنه اختار طريقا غير مسؤول بتصريحاته الأخيرة حول الصحراء المغربية، وبدلاً من أن ينحاز إلى قضايا الوطن ومصالحه العليا، انزلق إلى خطاب مشوش يغازل أطروحات أعداء الوحدة الترابية.

غالي بتصريحاته يطالب بحل تفاوضي “يرضي جميع الأطراف”، وكأن السيادة الوطنية قابلة للمساومة أو أن المغرب في موقع المتنازل! هذا الخطاب الملتبس يشكل طعنة في ظهر الإجماع الوطني والدولي حول مغربية الصحراء، ويثير تساؤلات عن خلفية هذه التصريحات وتوقيتها.

التفاوض ليس اعترافا بمطالب الانفصاليين، بل هو إطار أممي أُرغم عليه المغرب كجزء من سعيه لإحلال السلام، لكنه لم ولن يكون أداة للتفريط في شبر من ترابه، فالحكم الذاتي الذي قدمه المغرب ليس تنازلا، بل أقصى ما يمكن أن يقدمه في إطار السيادة الكاملة، والحديث عن “حلول ترضي الطرفين” مجرد وهم يتناقض مع الواقع السياسي والاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء.

حقوقي بلا بوصلة وطنية

غالي، الذي بنى لنفسه سمعة في الداخل بمواقفه الجريئة تجاه قضايا الحريات والعدالة، أسقط هذه السمعة في لحظة واحدة، وتصريحاته الأخيرة كشفت عن خلل واضح في فهمه لمعنى الوطنية ومسؤولياته كحقوقي مغربي، ومن يتحدث عن حقوق الإنسان دون أن يدافع عن سيادة وطنه، يخسر كل مصداقية.

إن الانخراط في الخطاب الذي يساوي بين المغرب وجبهة انفصالية تدعمها الجزائر، هو خروج عن روح الوطنية وتنكر للتضحيات التي قدمها الشعب المغربي على مدى عقود للدفاع عن وحدته الترابية. غالي بفقدانه للبوصلة الوطنية، لم يطعن في الإجماع الوطني فقط، بل أهان ذاكرة شهداء هذا الوطن الذين ضحوا بدمائهم من أجل صحرائهم.

خطاب التخاذل

تصريحات غالي تأتي في زمن يشهد فيه المغرب التفافا شعبيا وسياسيا وحقوقيا غير مسبوق حول مقترح الحكم الذاتي، وهو الحل الذي أثبت جديته ومصداقيته باعتراف قوى دولية كبرى، لكن غالي يغرد خارج السرب، بل يسير عكس تيار التاريخ.

التذرع بأن “التفاوض مستمر، إذن الحكم الذاتي ليس الحل”، لا يعدو كونه مغالطة مكشوفة، فالتفاوض عملية سياسية طبيعية في أي نزاع، لكنها ليست دليلا على التشكيك في المواقف الثابتة، وعلى غالي أن يفهم أن الحكم الذاتي ليس مجرد اقتراح، بل هو أرضية لا تقبل التنازل أو النقاش خارج إطارها.

متى يدرك غالي أن الوطن خط أحمر؟
حقوق الإنسان تبدأ بالدفاع عن الوطن، لأن لا حرية تُمارس فوق أرض مستعمرة، ولا كرامة لشعب يقبل التشكيك في سيادته، وعزيز غالي، الذي بدا في تصريحاته وكأنه يتحدث باسم جهة ثالثة، يحتاج إلى وقفة مع ذاته، والدفاع عن الحقوق لا يعني أبداً خيانة الوطن، ولا يبرر الانحياز إلى خطاب يفتح الباب لأطروحات الجزائر الانفصالية.

غالي في زمن الإجماع الوطني سيخسر مكانته كحقوقي محترم بتحوله إلى بوق لأطروحات مهترئة لا تخدم سوى أعداء المغرب، وأجزم أنه يعتقد أن تصريحاته مجرد “رأي حقوقي”، لكن ينبغي أن يعلم أن الدفاع عن الوطن ليس وجهة نظر، بل واجب مقدس.

الصحراء مغربية إلى الأبد

على عزيز غالي وكل من يسير على خطاه أن يدركوا أن الصحراء ليست موضوعاً للنقاش، بل حقيقة تاريخية وجغرافية وسياسية لا تقبل القسمة أو التأويل، والشعب المغربي بمكوناته كافة يقف صفا واحدا خلف سيادته على أقاليمه الجنوبية، والوطن خط أحمر، ولا مكان بيننا لمن يطعن فيه تحت أي مسمى كان، وإذا كان غالي قد اختار الوقوف على الضفة الخطأ، فالشعب المغربي سيظل متمسكاً بثوابته، ولن يسمح لأي خطاب عابر أو مزايدة حقوقية بأن تنال من وحدته الترابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.