في خضم الأزمات التي يواجهها قطاع التعليم العالي بالمغرب، يبدو أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، قد وقّع على ورقة مغادرته للحكومة في التعديل القادم، بعد فشله في معالجة المشاكل المستعصية التي يعاني منها القطاع، وعلى رأسها أزمة طلبة كليات الطب والصيدلة.
لقد أثار ميراوي الجدل بأسلوبه التصعيدي والتهديدي تجاه الطلبة، حيث أصدرت بعض الجامعات المغربية عقوبات بالإقصاء من كليات الطب والصيدلة والمنع من التسجيل لمدة سنتين جامعيتين بحق الطلبة المشاركين في الاحتجاجات. واتُهم هؤلاء الطلبة بخرق القوانين والأعراف الجامعية، والمشاركة في أنشطة جماعية تخل بالقواعد التنظيمية، والتحريض، والسب، والشتم، والقذف في حق الأساتذة والموظفين.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يستخدم الوزير لغة تصعيدية محذراً الطلبة من الاستمرار في مقاطعة الدروس، ودعاهم إلى الالتحاق بالفصول الدراسية لاجتياز الامتحانات، ورغم إقراره بأن الوضع لا يبشر بخير، أكد ميراوي أن استمرار المقاطعة لا يسمح بإيجاد بدائل لإنقاذ السنة الدراسية، ملوحاً باتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى خسائر فادحة.
منذ بداية الموسم الجامعي الحالي، يخوض طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة احتجاجات واسعة النطاق للمطالبة بإصلاح منظومة تكوينهم. وقد واجهت وزارتا التعليم العالي والصحة هذه الاحتجاجات بتصعيد، حيث يعتبر الطلبة أن الإجراءات المتخذة من قبل الوزارة، مثل زيادة عدد الطلبة في بعض التخصصات الطبية الحيوية وتخفيض عدد سنوات التكوين من 7 إلى 6 سنوات، تؤدي إلى تدهور جودة التكوين.
وفي المقابل، يصر الوزير ميراوي على أن هذه التدابير تهدف إلى ضمان جودة تكوين طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان. إلا أن تمسكه بهذه الرؤية لم يلقَ قبولاً بين الطلبة، مما أدى إلى تصاعد حدة التوتر والاحتجاجات، ووضع الوزارة في موقف حرج.
كما أن كلية العلوم التطبيقية بآيت ملول نواحي أكادير تعيش أزمة جديدة بعد رفض الطلبة اجتياز الامتحانات بسبب البرمجة التي أعلنت عنها إدارة الكلية، التي لجأت إلى استخدام الأمن العمومي والخاص لتطويق الاحتجاجات، مما أدى إلى اعتقال أربعة طلبة، وفقًا لما كشف عنه الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والحركة الثقافية الأمازيغية بموقع آيت ملول. هذه الأزمة تنضاف إلى السجل الكارثي للوزير ميراوي، الذي يبدو عاجزًا عن إدارة الأزمات المتعددة في قطاع التعليم العالي.
ومع تفاقم الأزمات في مختلف الجامعات المغربية، تتزايد الضغوط على الوزير ميراوي، الذي يتهمه الطلبة بعدم القدرة على إيجاد حلول فعالة للمشاكل المستعصية التي تواجه القطاع. ويرى الكثيرون أن مغادرته للحكومة في التعديل القادم قد تكون الخطوة الأولى نحو محاولة إنقاذ التعليم العالي من التدهور المستمر، وإعادة الثقة إلى الطلاب وأولياء الأمور في النظام التعليمي المغربي.
وفي ظل هذه الأزمات يبدو أن مغادرة عبد اللطيف ميراوي للحكومة في التعديل القادم باتت شبه مؤكدة، في ظل عدم قدرته على تقديم حلول ناجعة للأزمات المتفاقمة في قطاع التعليم العالي.