كشفت دراسة تشخيصية أنجزتها رئاسة النيابة العامة حول زواج القاصرات بالمغرب،أن رجال التعليم والفقهاء وأئمة المساجد، من الفئات التي ما زالت تميل إلى الزواج من القاصرات.
وأكدت الدراسة المنجزة تفعيلا لمبادرة الأميرة لالة مريم رئيسة الاتحاد الوطني لنساء المغرب، خلال سنة 2020، ، أن هذه الفئات رغم انتمائها إلى فئة النخبة، ووجود حملات الوعي التي تشرف عليها النيابة العامة ووزارة العدل، والمنظمات والجمعيات الحقوقية، المدافِعة عن الأطفال وحق التمدرس إلا أنها أكثر ميلا للزواج بالقاصرات.
وفي السياق ذاته، أكد حسن الإبراهيمي، رئيس وحدة تتبع النيابة العامة لقضايا الأسرة برئاسة النيابة العامة، أكد في مداخلته الأربعاء الماضي، بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، على أن الفريق المكلِّف بالدراسة، اصطدم بوجود فئة من النخبة، سيما رجال التعليم، يٓقبلون الزواج من قاصرات، أما رجال الدين فمازالت مفاهیم بعضهم خاطئة في الزواج من هذه الشريحة.
وأوضحت الدراسة أنه جرى استجواب 2300 قاصر متزوجة، وأثبتت نتائجها، أن سبب الزواج المبكِّر هو الهدر المدرسي، وغياب الطرق، ما دفع رئيس النيابة العامة إلى طرق أبواب وزراء التربية الوطنية والرياضة، والأوقاف والـشؤون الإسلامية، والداخلية، والصحة والحماية الاجتماعية، والتجهيز والماء، للتنسيق مع المؤسسات التي يديرونها، من أجل حثهم على الرقي بمستوى المناطق الهشة، من حيث المعيشة والتمكين وإصلاح طرق العالم القروي.
وأسفر تدخل رئاسة النيابة العامة عن مجموعة من الالتزامات الأخرى، ضمنها تعزيز دور رجال ونساء التعليم في إذكاء الوعي لدى الطفلات والفتيات بأهمية التمدرس، لبناء الشخصية والاستقلال، وإدراج موضوع زواج القاصر في المقررات والمناهج الدراسية، لتوعية وتحسيس الناشئة، بمخاطر هذا الزواج، بهدف بناء فكر تربوي ممانع لزواج القاصر، يساعد على تغيير العقلية الدونية في حق المرأة والفتاة.
واستهدفت الدراسة بالأساس إقليم أزيلال، الذي يشمل 44 جماعة، ضمنها جماعتان حضريتان، وجرى الاستماع إلى 2300 طفلة كانت موضوع زواج القاصرات، حيث تم الاعتماد على مجموعة من المؤشرات، ضمنها حالة القاصر قبل الزواج، وكيفية تدبير الزواج، لتصدر رئاسة النيابة العامة أربع دوريات لمواجهة هذه الظاهرة، كما أشرفت على دورات تكوينية لقضاة النيابة العامة بالأساس، وهمت ضرورة التفاعل الإيجابي مع جميع قضايا الأسرة، وإيلاءها العناية اللازمة، بما يكفل استقرارها وتماسكها واطمئنان أفرادها، وتحقيق العدل والإنصاف لهم، واستحضار المصالح العليا للأطفال وحقوقهم في المقام الأول، وعدم الاكتفاء في طلبات وملتمسات النيابة العامة، بإسناد النظر أو التماس تطبيق القانون، بل « إبداء وجهة نظرها القانونية والدفاع عنها ».
وهمت الدورية الثانية، الحرص على تقديم ملتمسات للقضاة، تنسجم مع قصد المشرِّع، من جعل الزواج قبل سن الرشد متوقفا على موافقة القضاء، وعدم التردد في معارضة طلبات الزواج، التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر، إضافة إلى تقديم ملتمسات من أجل جعل جلسات البحث، مناسبةً لتوعية القاصر بالأضرار، التي يمكن أن تترتب عن الـزواج المبكر، والاستعانة في ذلك إن اقتضى الحال بالمساعِدات الاجتماعيات، مع الحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بإذن زواج القاصر، وعدم التردد تقديم الملتمسات بإجراء بحث اجتماعي بواسطة المساعِدة الاجتماعية، للتأكد من الأسباب الداعية لطلب الإذن، ومن وجود مصلحة للقاصر في هذا الإذن، ومدى التوفر على النضج والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج، من أجل تكوين قناعة عنصر الرضى بالعقد.
ونبهت دوريات رئيس النيابة العامة، إلى الحرص على تقديم ملتمسات بإنجاز الخبرات الطبية الاجتماعية والنفسية الضروريـة، للتأكد من قدرة القاصر على تحمل أعباء الزوجية، مع الحرص على التأكد بالنسبة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج الراغبين في الحصول على هذا الإذن، بأن الدولة المستقبِلة تقبل عقود الزواج دون سن الأهلية.
ومن الإجراءات الجديدة تقديم ملتمسات بعدم الاختصاص، بالنسبة إلى طلبات الزواج المتعلقة بقاصرين، لا يقيمون بدوائر نفوذ قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يُقدم إليه الطلب، باعتبار ذلك شرطا أساسيا لإجراء الأبحاث.