هشام بومهدي-ومع
يحرص المغاربة المقيمون في بلجيكا، قدر الإمكان، على إحياء تقاليد وعادات بلدهم الأم المرتبطة بشهر رمضان الأبرك، وذلك على الرغم من بعد المسافة.
وتستقبل الجالية المغربية الشهر الفضيل في جو من الخشوع والتضرع والسعي إلى توثيق الصلة بالقيم الروحية التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف، بما أن رمضان يعد تذكيرا سنويا بضرورة تطهير النفوس والتقرب من الله عز وجل.
وبطبيعة الحال، تزداد وتيرة ارتياد المساجد خلال شهر رمضان الأبرك، حيث يتوافد المصلون بكثافة من أجل تأدية صلواتهم، لاسيما التراويح، التي تعد ركنا ومكونا رئيسيا ضمن الموروث الروحي المتأصل لشهر الصيام.
كما أن العديد من المؤمنين يحرصون على حضور الدروس الرمضانية التي تتخذ شكل خطب غايتها التحسيس والتوعية بشأن العديد من المسائل الدينية والاجتماعية وتلك المرتبطة بالحياة اليومية، وذلك في إطار مقاربة تقوم على إشاعة تعاليم الإسلام ومقومات السلوك الحسن التي يتعين على جميع المسلمين الامتثال لها.
إلى جانب ذلك، تقام بالمساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات، مباريات لتلاوة وترتيل القرآن الكريم وكذا دروس لمحو الأمية والتربية الإسلامية.
ويعتبر شهر رمضان، أيضا، مناسبة لإحياء والحرص على استدامة مجموعة من التقاليد والعادات المرتبطة بالموروث الثقافي والاجتماعي المغربي خلال الشهر الفضيل، بدءا من الطبخ وصولا إلى الملابس التقليدية، دون أن ننسى تعزيز الروابط الاجتماعية والأسرية في جو من الأخوة والتآزر.
من حيث المطبخ، فهم يسعون لخلق الأجواء الرمضانية على غرار مثيلتها في البلد الأم، وذلك من خلال إعداد وجبات وأطباق مغربية لا محيد عنها على مائدة الإفطار والسحور. وهي أيضا طريقة لتخفيف الشعور بالاغتراب وإضفاء الطابع المغربي الأصيل على الشهر الكريم.
هكذا، تعرف المتاجر المغربية بجهة بروكسيل العاصمة، كتلك الموجودة بشارع برابون بمقاطعة سكاربيك، والأسواق على غرار سوق “بارفي سان جان باتيست” بمقاطة مولنبيك، رواجا استثنائيا خلال هذا الشهر الأبرك.
فالكثير من أفراد الجالية المغربية يقصدون هذه المتاجر والأسواق لاقتناء كل ما يحتاجونه من منتجات يحتاجونها في إعداد المائدة المغربية، لاسيما الوجبات التقليدية الموروثة جيلا عن جيل.
كما تحظى محلات بيع المخبوزات والحلويات المغربية التقليدية بشعبية كبيرة لدى الزبناء، حيث لا تتاح لجميع الأسر إمكانية تحضيرها في المنزل، بسبب ضيق الوقت أو القيود المهنية.
ويحرص مغاربة بلجيكا، أيضا، على إحياء روح شهر رمضان المطبوع بقيم التضامن والكرم. هكذا، فإن العديد من جمعيات الجالية المغربية وغيرها من الجاليات المسلمة تنظم، بالتعاون مع المساجد، مبادرات للإفطار الجماعي وأنشطة مختلفة للتضامن مع المحرومين.
وينصب التركيز هذا العام على مساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية، لاسيما الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، من خلال مضاعفة النداءات للتبرع.
وإلى جانب المؤسسات والجمعيات، يسعى المغاربة في بلجيكا من خلال حياتهم اليومية وسلوكهم إلى تعزيز القيم النبيلة للإسلام، لاسيما من خلال التحلي بالصدق والالتزام في عملهم، على الرغم من ساعات الصيام الطويلة، خاصة بعد المرور أمس الأحد إلى التوقيت الصيفي.
يشكل تعزيز التسامح والتآزر والعيش المشترك بين مختلف الأديان والمجموعات والطوائف في مجتمع تعددي، من بين القيم التي يتحلى بها المغاربة في بلجيكا أكثر من أي وقت مضى، خلال شهر رمضان، وهي مناسبة لإظهار أن تشبثهم بهوية وثقافة البلد الأم والاندماج الكامل في البلد المضيف ليسا بأمرين متعارضين.