احتصنت مدينة كلميم، أمس الأحد، فعاليات الملتقى الوطني الثاني للتراث الأمازيغي اليهودي بحوض وادنون، وذلك تحت شعار “التراث اليهودي بحوض وادنون.. رهانات ثقافية وتنموية”. ويهدف هذا الملتقى الذي نظمته العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان، بشراكة مع وزارة الثقافة والشباب والتواصل (قطاع الثقافة)، إلى إبراز مختلف مظاهر وتجليات التراث اليهودي بحوض وادنون، وبحث سبل تثمينه والمحافظة عليه واستثماره كمورد أساسي في التنمية المحلية بالأقاليم الجنوبية، وكذا تسليط الضوء على الاستثناء المغربي في التعايش والتسامح بين مختلف الأديان ومكونات المجتمع المغربي.
وفي كلمة افتتاحية، أكد يحيى الوزكاني، عن الجهة المنظمة، أن هذا الملتقى يروم تسليط الضوء على التراث الثقافي اليهودي الغني والمتنوع بحوض وادنون، والذي يشكل تجسيدا لتاريخ طويل من التعايش والتسامح بين مختلف مكونات المجتمع المغربي.
وأضاف أن هذا اللقاء يهدف أيضا إلى مناقشة سبل تثمين التراث اليهودي واستثماره كصناعة ثقافية وكمورد أساسي للتنمية المحلية.
وتم خلال هذا الملتقى، الذي عرف مشاركة باحثين وأكاديميين ومهتمين بالتاريخ والثرات، تقديم مداخلات وعروض تمحورت حول عدة مواضيع منها “المشترك الأمازيغي اليهودي بالجنوب المغربي، نماذج وقضايا”، و”التوافق الحضاري بين الديانة الإسلامية واليهودية بالمغرب”، و “مجال وادي نون فضاء للتعايش بيت اليهود وغيرهم عبر التاريخ”، و”اليهود والذاكرة المحلية بوادي نون: إضاءات من خلال وثائق محلية”.
وفي هذا السياق، أكد محمد شتاتو ، أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تاريخ المغرب هو تاريخ توافق و تعايش مغربي – يهودي عرف منذ قرون تمازجا بين الديانتين الإسلامية واليهودية قبل دخول الاستعمار الفرنسي، مضيفا أن هذا التوافق يظهر بشكل جلي على المستويين الثفافي والديني. و أبرز شتاتو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التوافق بين الأمازيغ واليهود كان مهما في جنوب المغرب خاصة على المستوى التجاري حيث كانوا يتشاركون في بعض الحرف والمهن كالخياطة وصياغة الفضة التي تصدر إلى الأسواق الداخلية بالمغرب و إلى إفريقيا.
من جهته، تطرق الحسن تيكبدار، باحث في التراث اليهودي المغربي، في مداخلة له، إلى المشترك الأمازيغي اليهودي بواد نون سواء على مستوى اللغوي أو الثقافي كالتشابه والتقاطع في بعض العادات والتقاليد (أعراس، ختان، طقوس وفاة)، ويتجلى ذلك بالخصوص، في مشاركة الساكنة المحلية ليهود إفران الأطلس الصغير في الاحتفالات والمناسبات الخاصة باليهود، مشيرا إلى أن هذه المنطقة تزخر بمعالم تراثية يهودية حيث يتجاور المسجد بالكنيس اليهودي مما يعكس التسامح والتعايش بين الساكنة الأمازيغية والساكنة اليهودية.
أما محمد بوزنكاض، أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، فتوقف عند الكتابات التاريخية حول اليهود من حيث حصيلة وخصائص هذه الكتابات وسياقاتها التاريخي، مبرزا أن هذه الكتابات تتميز بمحدوديتها حيث تركزت على فترة تاريخية دون غيرها، وعلى قضايا محددة مرتبطة بهجرة اليهود وعلاقاتهم الاجتماعية.