2022 في الجزائر.. سنة سوداء بالنسبة لحرية الصحافة
كتبت اليومية البلجيكية “لوسوار” أن 2022، السنة العصيبة على وسائل الإعلام الحرة في الجزائر، تنتهي بإسدال صادم لستار حرية لصحافة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإغلاق المثير للذهول، في 24 دجنبر المنصرم، لمقر إحدى آخر وسائل الإعلام الحرة المتبقية “راديو إم”، واعتقال مديرها، إحسان القاضي، في نفس اليوم، يوقعان على نهاية سنة مظلمة بالنسبة لحرية الصحافة.
وأشارت اليومية ذائعة الصيت، إلى أن “راديو إم” تابع إلى جانب الموقع الإلكتروني “ماغريب إميرجون” Maghreb Emergent لوكالة “أنترفاس ميديا”، والتي ظلت وسيلة الإعلام الوحيدة التي استمرت في منح الكلمة للمعارضين، متحدية بذلك رقابة أكثر فأكثر حدة.
وبحسب اليومية، “لم يتم تقديم أي تفسير رسمي، حتى الآن، بخصوص هذا القرار، بينما تم إصدار مذكرة توقيف في حق الصحفي يوم الخميس 29 دجنبر، بعدما قضى أربعة أيام في ثكنة تابعة للأجهزة الأمنية تقع بمرتفعات العاصمة. حتى أن الصحافة المحلية لم تشر البثة إلى ذلك، ما يدل على أن هاجس الرقابة الذاتية لا يزال قائما لدى وسائل الإعلام الجزائرية”.
ووفقا للصحيفة، فإن ذلك يعني بأن الصدمة انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم التساؤل بشأن أسباب التحامل على آخر قلاع الصحافة المستقلة، مسجلة أن الوحشية التي تم من خلالها السطو على “راديو إم” أثار الاستنكار حتى لدى المعسكر الذي لا يشاطر بالضرورة خطه التحريري.
ولفتت “لوسوار” إلى أنه بينما يتم لدى وسائل الإعلام الموالية للحكومة، الإشادة بإرادة السلطات في محاربة “التخريب”، أدرك الجميع أن صناع القرار يريدون ببساطة تكميم حرية الصحافة، موضحة أن هذا الحظر الذي طال “راديو إم” يأتي بعد إغلاق يومية “ليبيرتي” -الذي قرره رئيسها بإيعاز من السلطة -، بينما تواصل “الوطن”، العنوان الآخر الكبير في الصحافة المستقلة، الذي يخضع لضغوط ضريبية قوية بعد تجميد أصوله من قبل السلطات، الكفاح بقوة من أجل النجاة.
واعتبر الهواري عدي، الخبير في علم الاجتماع المنفي والمتابع الدقيق للمشهد الجزائري، في حديث خص به “لوسوار”، أن اعتقال إحسان القاضي يحيل على “حالة من الذعر تسيطر على صناع القرار الذي يخافون من صحفي”. وأدان الأكاديمي اللجوء إلى ممارسات “غير قانونية” يجسدها إغلاق مقر “راديو إم” من طرف أفراد لا ينتمون إلى أي جهاز أمني مخول لتنفيذ هذا النوع من الإجراءات.
وبحسب اليومية البلجيكية، “يتعين القول إن حرية الصحافة كانت، قبل هذه الضربة، قد تراجعت إلى حد كبير. فقد استسلمت الصحافة التقليدية منذ فترة طويلة في وجه العديد من المؤثرين الذين يصنعون الرأي العام في الجزائر اليوم”.
وأوضحت الصحيفة أن “هذا التعتيم المفروض على الصحافة الحرة يأتي في الوقت الذي تنتظر فيه عشرات المواقع، المعتمدة حديثا، بقلق، المقتضيات الجديدة لقانون الإعلام. حيث أن التشريع الجديد، بحسب ما تم تسريبه عبر الصحافة، يشمل تشديد الخناق، على جميع المستويات، على مهنة الصحافة: السحب الفوري للرخص وغرامات تصل إلى مليون دينار في حال المخالفة”، مسجلة أن هذا الأمر ينضاف إلى الإيقاف الذي يشمل منذ 2020 مجموعة من المواقع من قبيل “تي إس أ”، و”لوماتان دالجيري”، و”ألجيري بارت”، أو حتى “ألجيري باتريوتيك”، التابع لوزير الدفاع السابق، الجنرال خالد نزار، الذي يدعم مع ذلك سياسة السلطة الحالية.
وخلصت الصحيفة إلى أن الأمر يتعلق بوضع سريالي لا ينبغي أن يحدث المفاجأة بعد الآن في جزائر اليوم.