بقلم سعيد يوسي-ومع
على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من مدينة مكناس وغير بعيد عن مدينة مولاي إدريس زرهون، ينتصب واحد من المواقع الأثرية الغنية والاستثنائية بشمال إفريقيا. يتعلق الأمر بوليلي، المستمدة من الكلمة الأمازيغية وليلي، الذي يعتبر معلمة أثرية وسياحية لجهة مكناس والمغرب بشكل عام.
وتعتبر وليلي التي ترمز إلى زهرة الزنبق الملونة ، وهي نبتة تنتشر بكثرة في المنطق، إحدى المواقع الغنية جدا لحقبة الإمبراطورية الرومانية بشمال إفريقيا. وبفضل حفرياتها والغنى الكبير للنقوش التي تزينها، تحولت إلى موقع استثنائي ذي قيمة ثقافية وتاريخية متميزة، وذلك من وجهة نظر مؤرخين وخبراء في المجال.
وأضحى هذا الفضاء الذي لم يبح بعد بكل أسراره، منذ سنوات، الوجهة المفضلة الوجهة المفضلة للباحثين الأثريين سعيا البحث عن اكتشافات جديدة.
++وليلي الموقع الأثري الأكبر من نوعته بالمغرب ++
يتميز موقع وليلي ببقاياه وأعمدته الرخامية البيضاء ومعبده وفسيفسائه وقوس النصر المنتصب فيه، بكونه الموقع الأثري الأكبر في المغرب بمساحة تقدر ب 18 هكتار, وتناهز مساحته الإجمالية 40 هكتارا.
وتعتبر هذه المعلمة الأثرية نتاج تبادل التأثيرات منذ العصور القديمة حتى وصول الإسلام. وتعاقبت على هذا الموقع العديد من الثقافات من بينها المتوسطية والمورية والبونيقية والليبية والرومانية والعربية الإسلامية، إضافة إلى الثقافات الإفريقية والمسيحية.
هذا الغنى الثقافي والتاريخي مكن من إدراج المدينة كموقع للتراث العالمي لليونسكو في سنة 1997، من أجل على الخصوص تثمين الفسيفساء التي تزين منازله القديمة.
ويعزو علماء الآثار هذه الفسيفساء إلى الصناع التقليدين المحليين، نظرا لبساطة الديكور والزخارف الهندسية الخاصة بهم في كثير من الأحيان، على غرار السجاد الذي نسجه الأمازيغ. ومنذ عدة سنوات أصبحت هذه الزخارف المتميزة تحظى باهتمام خاصمن لدن القطاع المعنية وشركائها.
++حياة جديدة لفسيفساء وليلي++
من أجل الحفاظ على الغنى الأثري والتاريخي للموقع المذكور، تم سنة 2022 إعطاء انطلاقة مشروع الحفاظ على الفسيفساء التاريخية لموقع وليلي. واختتم هذا المشروع الذي يعد ثمرة تعاون بين سفارة الولايات المتحدة وجمعية محلية بدعم من وزارة الثقافة في دجنبر الماضي، ما مكن من إعطاء حلة جديدة للفسيفساء، من خلال تدريب الحرفيين المحليين على ترميم الفسيفساء والحفاظ عليها تحت إشراف خبراء مغاربة.
وهم هذا المشروع الممول بقيمة 189 ألف دولار، الحفاظ على الفسيفساء التاريخية للموقع المذكور، وترميم وصيانة عشرات الألواح الفسيفسائية الواردة من موقع مدينة بناسا الرومانية القديمة.
من جهة أخرى، مكن هذا المشروع من تدريب الحرفيين المحليين على ترميم الفسيفساء والحفاظ عليها من أجل بناء سبل عيش مستدامة في المنطقة.
وقد تم تمويل مشروع وليلي من قبل صندوق خاص مكرس للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لإنشاء صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي، والذي أنشأه الكونغرس الأمريكي سنة 2001 للحفاظ على مجموعة واسعة من التراث الثقافي في جميع أنحاء العالم..
++ جهود متواصلة لتثمين هذا الموقع الأثري++
وأوضح ياسين المغاري، محافظ موقع وليلي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الغنى التاريخي والأثري لوليلي جعله وجهة مفضة للباحثين وعلماء الآثار الراغبين في اكتشاف الحقائق التاريخية والأثرية، والمساهمة في كتابة تاريخ المغرب ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وأكد أن الجهود المبذولة من قبل وزارة الثقافة ومديرية التراث الثقافي مكن من إدراج الموقع سنة 1997 ضمن التراث العالمي لليونسكو في سنة 1997، وإعلانها سنة 2022 منطقة محمية.
كما توقف السيد المغاري عند تاريخ وليل ومختلف الثقافات والحضارات التي طبعت هذا الموقع الأثري، مشيرا إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تثمين والحفاظ على هذا الموقع الأثري على جميع الأصعدة.
من جهتهم، أعرب عدد من السياح الذين التقتهم وكالة المغرب العربي للأنباء بعين المكان عن إعجابهم بجمالية وروعة هذا الموقع الذي يعود تاريخه لقرون عديدة، مشيرين إلى أن مثل هذه المواقع تتيح للزوار التعرف بالخصوص على الكيفية التي صممت بها، والمعمار الهندسي الذي يميزها.