منذ أن بدأت منافسات كأس العالم قطر 2022، وهي تعطينا دورسا عديدة، سواء على مستوى المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم أو تجلياته على المستوى المجتمعي، فالإطار الوطني وليد الركراكي بشعاره “ديرو النية” قاد الكتيبة الوطنية إلى تحقيق إنجاز تجاريخي إفريقي غير مسبوق، من خلال وصوله للدور النصف النهائي من البطولة، بعناصر حالمة واثقة بهدفها ورغبتها في بلوغ أبعد نقطة في المونديال، وعلمنا بهذا الإنجاز أن الإنسان بإمكانه أن يصل إلى ما قد يراه الآخرون صعبا ومستحيلا، وقد يضحكون عليه إذا أراد أن يبلغ القمة ومرتبة الكبار.
والمونديال أبى ألا ينتهي حتى يظهر لنا وجها أخرى لصائدي الفرص، فإذا كانت الحكومة تبرر ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية بالأزمة الروسية الأوكرانية من جهة، وبارتفاع سعر البرميل الواحد من الكزوال عالميا من جهة ثانية، ورغم ذلك قوبلت بالاستنكار والشجب، وتحركت عدة نقابات بالتظاهر وإصدار بيانات ضد حكومة أخنوش، فبما سيبرر أصحاب المقاهي زياداتهم الصاروخية القاسية، التي تجاوزت نظيرتها في عدد من المواد الأساسية؟، وبأي وجه سيخرج هؤلاء للمطالبة بمراجعة الأسعار ورفع الضرر عنهم؟ وبأي ضمير سيتحدثون عن عجز الحكومة في حل قضايا اجتماعية؟
رصدنا منذ انطلاقة مونديال قطر مجموعة من المقاهي، التي نشرت إعلانات عن أثمنة تذاكر متابعة مباريات المنتخب، منها من رفعت السعر من 10 دراهم إلى 30 و40 درهم في مناطق وأحياء تقطنها شريحة مجتمعية فقيرة، دون أن تهتم لحالها ووضعها المادي، حتى وإن كنا سنتفق أنه غير مجبر على الجلوس بهذه المقاهي، لكن ما لا يمكن ألا نختلف عنه هو أن منطق الزيادة محكوم بشروط، ولا ينبغي أن نبررها بأوهام غريبة أو “ديالي ندير اللي بغيث”
محسن شاب عاشق للمنتخب حتى النخاع، سجل وباستغراب كبير في تصريح أدلى به للجريدة الإلكترونية “الأول للأخبار” هذه الزيادات قائلا “صراحة ما عرفناش كيفاش تيفكرو هاد الناس، من حقهم ازدو الأثمنة إلى متضرر لكن ارعيو لنا شوية كشباب”، مضيفا ” راه أغلبية الشباب اللي تيتفرجو فالمنتخب فالمقاهي اللي شعبية ما فحالهمش كاين اللي ما خدم ولكن باغي اتفرج، وتتصدمو ب25 و30 درهم”
وأردف المتحدث ذاته “كانتقدو الحكومة على هاد الزيادات وفالأخيرة تتلقى واحد من ولاد الشعب بغي ازد عليك كثر من الشركات وصحاب المواد الغذائية..الله اهديهم وصافي” وختم كلامه قائلا “هاد المونديال بين لنا شحال من أخنوش عندنا غير مخبين”.
وقال “م.ن” هو من أحد المواطنين الذين صادفناهم “أنا ما بغاتش تفهم ليا علاش قينا واحد الفئة تتقلب غير على الفرصة فين تزيد على الشغب، هاد الخضرة غلات هاد المواد حتى هي تتزاد فالثمن، فين غادين بنادنا” وأضاف متحسرا “وحتى المنتخب اللي تيمثل بلادنا ومشرفنا زادو لنا هادو فالأثمنة، كيفاش غادي تقدم بلادنا بهاد الأساليب”
وفي نفس سياق الحديث عن الزيادات، عرف سعر الحليب في الأونة الأخيرة رفع نصف لتر من الحليب من 3.50 دراهم إلى 4 دراهم، بزيادة درهم واحد عن كل لتر من الحليب، في غفلة من الجميع ووسط استغراب المواطنين من هذا الإجراء، متسائلين عن السبب الحقيقي وراء هذه الزيادة؟ فيما تفاعل معه مغردون بسخرية “بمناسبة تأهل المنتخب الوطني لنصف نهائي كأس العالم ثمن الحليب اليوم 4 دراهم عوض 3.50 دراهم عند شركة كوباك. ديرو النية”.
وأمام هذا الوضع لم تتحرك جمعيات حماية المستهلك ولم تصدر أي بيان في الموضوع، واختارت الصمت بدل تفعيل أدوارها، حتى وإن كانت تقتصر على التنبيه والاحتجاج، وهذا ما دفع العديد من المواطنين للتساؤل عن دور هذه الجمعيات؟ ودور الدولة أيضا في مراقبة الأسعار وحماية المواطن؟