حل السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الثلاثاء، ضيف شرف على مؤتمر نظمته كلية لندن للاقتصاد، استعرض خلاله الدبلوماسي المحاور الرئيسية للدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وفي إطار هذا المؤتمر الجامعي، المنعقد بمبادرة من طلبة الجمعية المغربية بكلية لندن للاقتصاد “LSE Moroccan Society” و”LSESU United Nations”، قدم السيد هلال عرضا شاملا عن الدبلوماسية العريقة للمملكة، المتجذرة في سياق تاريخ طويل من العلاقات الدبلوماسية يمتد لأزيد من ستة قرون، مع العديد من دول العالم.
وأشار، في هذا الصدد إلى السفير عبد الحميد بن مسعود، أول سفير للمغرب لدى الملكة إليزابيث الأولى، عاهلة إنجلترا، في عام 1600. كما تطرق إلى الدبلوماسية المغربية الحديثة في القرن الـ21، والدور الذي تضطلع به المملكة من أجل تعددية الأطراف في مختلف أبعادها.
وقدم أمثلة عن الاتفاقيات والمعاهدات التي يعمل المغرب على توطيدها مع شركائه، من خلال تثمين تاريخه، واعتدال دبلوماسيته، وموقعه الاستراتيجي بين إفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأوروبا.
وذكر بمعاهدة السلام والصداقة المغربية الأمريكية، الأولى التي وقعتها الأمة الأمريكية الناشئة مع المملكة في العام 1777، مباشرة بعد اعتراف المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما أشار السفير إلى التعاون الاستراتيجي الذي يربط المملكة بالبلدان الشقيقة في إفريقيا، من خلال أزيد من 1000 اتفاقية موقعة، وذلك بفضل استراتيجية التعاون التضامني التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفائدة القارة الإفريقية.
وتطرق، كذلك، إلى الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، والتحالف المتين والموثوق الذي تحظى به المملكة مع الدول العربية والإسلامية، مضيفا أن المغرب جسد أيضا انفتاحه على القارتين الآسيوية والأمريكية، من خلال شبكة دبلوماسية واسعة وعلاقات صداقة وتعاون، تبرز التأثير الثقافي والحضاري والاقتصادي للمملكة.
وفي ما يتعلق بالبعد الإفريقي لسياسة المغرب الخارجية، شدد السيد هلال بالقول “بصفته دولة إفريقية، رسخ المغرب علاقاته، وعلى الدوام، في إطار سياسة التعاون جنوب-جنوب مع البلدان الإفريقية، قائمة على أساس الارتباط التاريخي وملتزمة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية للقارة”.
وسجل، من جانب آخر، أن الطريق نحو تحقيق التقدم في إفريقيا يبدأ حتما بالسلام والأمن، ولكنه يعتمد أيضا على تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة: الاستفادة من الشباب، وهيكلة المشاريع السوسيواقتصادية، وإنشاء نماذج جديدة للنمو والتنمية، وتثمين الموارد الطبيعية، والتعاون جنوب-جنوب النشط والفعال وتسريع التكامل الإقليمي.
وفي ما يتعلق بأولويات المغرب في الأمم المتحدة في مجال التنمية المستدامة، أشار السفير إلى أن “المغرب، وتحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملتزم بقوة بالرهانات متعددة التخصصات للعمل المناخي، والتحول الطاقي والأمن الغذائي”، مبرزا أهمية إعداد الجيل القادم من صناع القرار للانخراط بشكل نشط في هذا المسار التنموي.
وأضاف الدبلوماسي أن المملكة كانت أول دولة إفريقية تشارك في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتنخرط منذ سنة 1960 في حفظ وتوطيد السلام والأمن، من خلال المساهمة في العديد من عمليات حفظ السلام في القارات الأربع.
وتابع بالقول إن “المغرب يوجد من بين أكبر 12 دولة مساهمة بقوات وأفراد شرطة في العالم”. وفي هذا السياق، تعمل البعثة الدائمة للمغرب في نيويورك أيضا بصفتها منسقا لمجموعة حركة عدم الانحياز لعمليات حفظ السلام.
وتبادل الدبلوماسي المغربي مع طلاب كلية لندن للاقتصاد بشأن مواضيع مختلفة، شملت على الخصوص الدبلوماسية الاقتصادية للمملكة، والتكامل الإقليمي ومخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، فضلا عن “الدبلوماسية الناعمة” من خلال الرياضة، لا سيما في سياق الأداء التاريخي للمنتخب المغربي لكرة القدم، خلال مونديال قطر 2022.
ويعد “LSE Moroccan Society” ناديا طلابيا يهدف إلى زيادة الوعي بالقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المغرب، وذلك بشكل مشترك مع “LSESU United Nations Society”، وهو مركز للمناقشات متعددة الأطراف أسسه طلاب كلية لندن للاقتصاد داخل الحرم الجامعي.
ومن خلال هاتين المنصتين، يستضيف الطلاب متحدثين رفيعي المستوى لتقاسم تجاربهم، مما يتيح الفرص لاختيار مسارات مهنية في المنظمات الدولية، من قبيل الأمم المتحدة.