يناقش المؤتمر الدولي حول الجودة في التعليم والتكوين، الذي انطلقت أشغاله اليوم الثلاثاء بمراكش، موضوع التعلم الاجتماعي والعاطفي، وذلك بمشاركة خبراء وباحثين من العديد من الدول العربية والأجنبية.
ويركز المؤتمر، الذي تنظمه المدرسة العليا للأساتذة بمراكش، ومؤسسة “أماكن”، بتعاون مع جامعة القاضي عياض، ومنظمة اليونسكو، والشبكة الدولية للتعلم الاجتماعي والعاطفي، على مدى ثلاثة أيام، بشكل حضوري وعن بعد، تحت شعار “التعلم الاجتماعي والعاطفي: ركيزة في استراتيجيات تحول التربية”، على الأهمية الخاصة التي يكتسيها التعلم الاجتماعي والعاطفي من خلال مساهمته في التطور الشخصي والاجتماعي، وفي النجاح المدرسي والمهني والأسري والمجتمعي بشكل عام.
وأبرزت نائبة الرئيس المكلفة بالتعاون والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، فاطمة الزهراء إفلاحن، في كلمة بالمناسبة، أن جامعة القاضي عياض تعد رائدة في مجال الابتكار البيداغوجي وإدماج التعليم العاطفي والاجتماعي، من خلال إطلاق تعليم اللغات والمهارات الحياتية لفائدة جميع الطلبة في سلك الإجازة، والماستر، والدكتوراه، مشيرة إلى أن هذا النوع من التعليم يضع المتعلمين كفاعلين لتحقيق التحول بمجتمعهم.
وأكدت على أن العالم اليوم في حاجة لكفاءات قادرة على الاستجابة ومواكبة التحديات وتحولات التدويل والعولمة، والتغيرات المناخية والنقص من بين أمور أخرى، مبرزة أن مهمة التعليم اليوم هي إعداد مواطني المستقبل، لتولي المسؤولية وضمان نجاح إندماجهم داخل المجتمع بشكل فعال واستباقي.
وأشارت إلى أن جامعة القاضي عياض منخرطة في مواكبة وتفعيل المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لافتة إلى أن الدورة العشرين لهذا المؤتمر تأتي في وقت يشرع فيه التعليم العالي في أجرأة هذا الميثاق.
من جانبه، سجل رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتكوين، ناجي عبد الناصر، أن هناك نقص في المهارات الاجتماعية العاطفية على المستوى العالمي وهو ما تعكسه الأوضاع الراهنة من نزاعات وصراعات داخل المجتمعات وبين المجتمعات وتفشي ظاهرة الكراهية والعنصرية والحروب بشكل يهدد إنسانية الجميع ويضعها في خطر.
وأكد على أن هذا الأمر يدل على أن المدرسة في أزمة يتعين معالجتها من خلال التمركز من جديد حول الإنسان، وضرورة تفكير المنظومة التربوية في الإنسان أولا وأخيرا حتى يكون فردا فاعلا داخل المجتمع، مشددا على أهمية تغيير السياسات التربوية وبرامج تكوين الأساتذة بإدخال مكونات التعليم الاجتماعي والعاطفي.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر الذي تطرق وعلى مدى عشرين سنة لمختلف المواضيع ذات الصلة بجودة التعليم، يتناول في دورته العشرين موضوعا جديدا يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل التعليم في العالم بأسره، ويتمثل في التعلم الاجتماعي والعاطفي الذي يركز على ضرورة تمكن المتعلمين من كل المهارات الحياتية والذاتية التي تتيح له الانخراط في المجتمع بشكل فعال.
من جهته، أكد المدير الإقليمي لليونسكو بالمغرب العربي، إريك فالت، أن أنظمة التعليم الحالية تتعرض للعديد من الضغوط بما في ذلك أزمة الجودة المستمرة والأمية وارتفاع معدلات الهدر المدرسي، وتزايد عدم المساواة في مجال التعلم، والتقنيات الرقمية المضطربة أحيانا، وعدم التوافق بين التكوين ومتطلبات سوق الشغل.
وأضاف أن التحديات في مجال التعليم تتطلب اعتماد مقاربات سياسية مشتركة وشاملة، والتي يتم تكييفها على المستوى المحلي، مشددا على أهمية تطوير مهارات اجتماعية وعاطفية، والتي تشكل جزءا من الحياة اليومية التي يتعين تدرسيها وفهمها، ذلك أنه قد يكون لها تأثير إيجابي ويمكن أن تعزز التعلم مدى الحياة.
وقال السيد فالت، إنه “يتعين دمج التعلم الاجتماعي والعاطفي كمهارة عرضية لإثراء أساليب التدريس وتشكيل أساس جيد لتحويل التعليم نحو المزيد من المرونة”، مبرزا أن برامج التعلم الاجتماعية – العاطفية المعدة جيدا، من شأنها تحسين نتائج تعلم الطلاب، خاصة مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية، وأدائهم المدرسي، وسلوكياتهم داخل المجتمع.
من جهتها، أكدت مديرة المدرسة العليا للأساتذة، خديجة الحريري، على الأهمية الكبيرة التي يكتسيها موضوع التعلم الاجتماعي والعاطفي، مشيرة إلى أن المدرسة العليا للأساتذة وجامعة القاضي عياض توفران تكوينات في مجال التنمية الذاتية للطالب تجعله متشبعا بقيم التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وأبرزت أن جامعة القاضي عياض تضع تطوير المهارات الحياتية والتنمية الذاتية للطلبة في صلب برامج مسالك الإجازة وذلك في إطار المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
ويتناول المؤتمر المشاكل الرئيسية التي يواجهها النظام التعليمي حاليا وفي المستقبل، إلى جانب إتاحة الفرصة لنقاش عميق بين الباحثين والممارسين في ميدان التعلم الاجتماعي والعاطفي.
ويناقش المشاركون في هذه التظاهرة مواضيع ذات صلة بالخصوص، ب”آليات التعلم الاجتماعي والعاطفي”، و”آليات متابعة وتقييم التعلم الاجتماعي والعاطفي” و”الرفاه الاقتصادي والاجتماعي والتعلم الاجتماعي والعاطفي” و”الصحة العقلية للطلبة” و”تكوين الأساتذة في مجال التعلم الاجتماعي والعاطفي” و”التعلم الاجتماعي والعاطفي وتقنيات الذكاء الاصطناعي” و” التعلم الاجتماعي والعاطفي من أجل عالم يسوده السلام”.