تشكل ليلة رأس السنة الميلادية (يوم 31 دجنبر وفقا للتقويم الغريغوري)، مناسبة لانتعاش اقتصادي للعديد من المحلات التجارية والمؤسسات السياحية التي تتجاوب مع حاجيات ومتطلبات هذه الليلة، كما تعد حدثا متميزا لدى ساكنة الكثير من دول العالم التي تستقبل السنة الجديدة باحتفالات مختلفة، تجمع بين التجوال في الشوارع، أو المكوث في الفنادق، أو في المنازل لإحياء الليلة إلى حين دقات الساعة الثانية عشر ليلا إيذانا ببداية السنة الجديدة. الاحتفالات بهذه الليلة، التي تسمى لدى عدد من الشعوب بـ “ليلة القديس”، تتواصل إلى ساعة مبكرة من الصباح بعادات وطقوس تختلف حسب كل بلد، وتتخللها أصناف مختلفة من أطباق الأكل والحلويات، حيث يقيم البعض حفلات عائلية تسمى réveillons، في حين يتزين آخرون بأبهى ملابسهم للخروج إلى الشوارع من أجل الاستمتاع بالشهب الاصطناعية والموسيقى وغيرها من أدوات الفرح لاستقبال السنة الجديدة.
ويبدو أن الاحتفال بالسنة الجديدة أضحى ظاهرة تكاد تلامس جميع شعوب العالم التي تتوحد في البهجة بإطلالة السنة الجديدة لعلها تكون أفضل من سابقتها خصوصا في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها العالم بين الفينة والأخرى. وتختلف مظاهر الاحتفال بين ساكنة العالم باختلاف كيفية ممارسة التقاليد وحجم الاحتفالات وتنوع مظاهر البهجة بقدوم السنة الجديدة.
وعلى غرار باقي دول العالم، تشهد العديد من المدن المغربية بعض مظاهر الاحتفال بليلة رأس السنة، سواء في الشوارع أو داخل البيوت، حيث تلتئم العائلات في هذه الليلة الاحتفالية التي تشكل جسرا للتواصل بين أفراد العائلة الواحدة، وتبادل التهاني والأمنيات بسنة جديدة مليئة بالمحبة والتآخي والسلام بين جميع شعوب العالم.
وتعرف العديد من المحلات التجارية توجها جديدا في نشاطها التجاري الذي ترتفع معاملاته من خلال استقبال أعداد متزايدة من الزبناء لاقتناء المنتوجات التي يحتاجونها في هذه الليلة، وفي مقدماتها محلات بيع منتوجات “الشكولاته” بمختلف أشكالها وأذواقها، والحلويات، والورود، إلى جانب الفنادق التي تتزين في أبهى صورها وعلى غير عادتها لتهيئ الظروف الملائمة لنزلائها الذين أبوا إلا أن يحيوا هذه الليلة داخل الوحدات السياحية المتواجدة بالمدينة الحمراء، والتي تعرف استقطابا كبيرا للسياح من مختلف الجنسيات من خلال الحجوزات التي تتم خلال فترات سابقة.
وبدورها، تستعد المخبزات ومحلات بيع الحلويات لهذه المناسبة حيث تقدم لزبائنها ما لذ وطاب من أجود حلوياتها إلى جانب بائعي الورود الذين يبدعون بدورهم خلال هذه الفترة في تقديم وتحضير باقات الورود، نظرا للإقبال المتزايد الذي تعرفه هذه المحلات التي تجذب المارين بجانبها بمنطقة جليز التي تأوي سوقا خاصا لبيع الورود، إلى جانب محلات أخرى بسوق عرصة المعاش تزدهر فيها مشتريات الورود التي تزين الليلة إلى جانب الحلويات وهدايا أخرى رمزية.
وقالت ابتسام الدباغ سرويل، صاحبة محل لبيع “الشوكولاته” بمراكش، إن محلها، الذي يعود تأسيسه إلى سنة 1999 في إطار مقاولة نسائية، يشهد، خلال ليلة رأس السنة الميلادية، إقبالا كبيرا من طرف الزبناء لاقتناء مختلف أنواع الشوكولاته.
وأضافت، في تصريح لقناة (M24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “مادة الشوكولاته تنتعش مبيعاتها بهذه المناسبة، حيث نتعامل مع أفراد الجالية الأجنبية المتواجدة بمراكش، وكذا الأسر المغربية التي تقتني لأبنائها هذا النوع من الحلويات”.
وأشارت إلى أن مقاولتها، المتخصصة في بيع” الشوكولاته”، تستعد لهذه المناسبة منذ شهر شتنبر من خلال استيراد أنواع “الشوكولاته” ذات العلامة التجارية العالمية، على اعتبار أن هذا المحل المتواجد بمراكش هو واحد من بين 800 محل متواجد حول العالم، مؤكدة أن “الإقبال المتزايد خلال فترة الاحتفالات بعيد السنة الجديدة يتطلب منا تعزيز طاقم العاملين معنا بعمال جدد يقومون بتحصيل طلبات الزبناء من مقاولات ووحدات فندقية وأشخاص يحرصون على اقتناء هذه المادة لتوزيها كهدايا لعمالهم وضيوفهم وأصدقائهم”.
أما غابرييل، وهو أحد الزبناء الأجانب بمحل لبيع “الشوكولاته”، فقد أكد أنه يقصد هذا المحل التجاري من أجل اقتناء الشوكولاته التي تتميز بجودتها ومذاقها الفريد باعتبارها من أنواع الشوكولاته العالمية، معتبرا أنه من الضروري اقتناء هذه المادة الحيوية من هذا المحل في ليلة رأس السنة وكذا في المناسبات الكبرى.
وبخصوص الاستعدادات لهذه الليلة، أكدت فاطمة الزهراء البصري العاملة بالقسم التجاري لإحدى الوحدات الفندقية، استعداد المؤسسة لاستقبال السياح سواء الأجانب والمغاربة على حد سواء من أجل قضاء ليلة رأس السنة في أحسن الظروف، مشددة على أن كل الأطر والعاملين مجندون لتوفير جميع وسائل الراحة والأمان للزبناء لتمر هذه الليلة في أبهى حلة.
وأشارت إلى أن “مراكش، التي تعد من أشهر المدن السياحية العالمية، تجعلنا نبذل جهودا كبيرة لاستقبال الضيوف في ظروف نبرز من خلالها الصورة التي تطبع المدينة الحمراء كمدينة سياحية بامتياز”.
وفي ما يتعلق بمحلات بيع الورود، التي تنتعش مبيعاتها في هذه المناسبة، سجل أبو هيبة عبد الله رشيد، أحد قيدومي السوق المركزي لبيع الورود بمراكش، ارتفاع الحركة التجارية للورود بمناسبة يوم “نويل” وكذا “ليلة رأس السنة”، حيث يزداد الإقبال من طرف السياح لاقتناء مختلف أشكال الورود.
وأضاف أن هذا الإقبال لم يعد يتوقف على الأجانب، إذ أصبحت العائلات المغربية هي الأخرى تحتفل بهذه المناسبة من خلال توافدها الكبير على شراء الورود، وهذه الحركية الاستثنائية تجعل تجار الورود ينتفعون من هذه الانتعاشة.
يشار إلى أن الاحتفالات بليلة رأس السنة بالمملكة تعرف، إلى جانب انتعاش الحركة التجارية لدى العديد من المهن، حركية في المطارات ومنها مطار مراكش المنارة لاستقبال السياح الذين يتوافدون عليه لقضاء فترة رأس السنة بالمدينة الحمراء، بالإضافة إلى تعزيز الأمن من خلال الانتشار الواسع للعناصر الأمنية بمختلف النقط لتوفير الظروف الملائمة لإنجاح هذه الاحتفالات.