صوفيا العوني-ومع
يميل العديد من الأفراد إلى اتخاذ قرارات جديدة مع بداية كل سنة “New Year’s Resolutions”، رغبة منهم في تحسين أسلوب حياتهم والتخلص من العديد من العادات السيئة التي تؤثر سلبا على صحتهم البدنية أو النفسية. ويراهن هؤلاء على هذه القرارات الجديدة لتجاوز خيبات الأمل والإخفاقات التي طبعت حياتهم خلال السنة المنقضية، وبغية جعل العام الجديد فرصة لتحقيق الأفضل في كافة مناحي الحياة.
غير أن الرهان الذي ي طرح عند تبني هذه القرارات يكمن في مدى القدرة على الالتزام بها مع مرور الوقت، من أجل تحقيق نجاحات جديدة وبلوغ أهداف تم رسمها مع بداية العام الجديد، قد تتعلق بالدراسة أو العلاقات الشخصية أو العناية بصحة الجسد والنفس.
وحول هذا الموضوع، يعتبر عالم الرياضيات والباحث في علم الأعصاب بجامعة زيورخ (سويسرا)، كارلوس ألوس فيرير، أن “القرارات المتخذة بمناسبة حلول العام الجديد” هي أهداف لا يتم الالتزام بها دائما. ففي مقاله الذي حمل عنوان “سيكولوجية قرارات السنة الجديدة التي تعمل” (The Psychology Behind New Year’s Resolutions That Work) الصادر في دجنبر 2022، يعتبر الكاتب أن الأهداف تأتي من الجزء الأكثر عقلانية في الدماغ، بينما يحافظ الجزء المندفع، الموجه نحو كل ما هو قصير المدى، على نفس العادات ويتكفل بالحياة اليومية.
وأوضح أن “الدماغ يعمل بشكل جيد من أجل جعل سلوك ما أوتوماتيكيا، لكن عندما يتعارض مع الأهداف طويلة المدى، هنا يبدأ الصراع”.
وعلى صعيد آخر، كشفت دراسة حديثة قام بها الباحثون جوان م. ديكسون ونيكولاس ج. موبيرلي وديفيد بريس وأليسون دود وكريستوفر د. هانتلي، أن الأفراد يتخلون عموما عن قراراتهم بمناسبة السنة الجديدة في غضون الشهر الأول. وتدعم نتائج هذه الدراسة التي ن شرت في مارس 2021، فكرة أن الأفراد لا يستطيعون الالتزام بالقرارات التي اتخذوها مع بداية العام الجديد.
وفي السياق ذاته، أكد الأخصائي في علم النفس الإكلينيكي، جليل شطاوي، أنه “لا توجد وصفة سحرية تساعد على التطبيق الفعلي للنوايا والأهداف المتعلقة بتبني عادات جيدة في مختلف مناحي الحياة”.
وأوضح الأخصائي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “لا يوجد حل يمكن أن يساعد الفرد على تحقيق أهدافه الشخصية المرتبطة بالعام الجديد وتجنب الوقوع المتكرر في عادة التخلي عن هذه القرارات”.
وأكد في المقابل، أنه من الممكن اللجوء إلى الشق العلاجي لتحديد الأسباب التي تؤدي إلى تكرار مثل هذا الفشل (أي التخلي عن قرارات العام الجديد والعودة إلى العادات غير الصحية). تعد الأهداف الشخصية أو القرارات التي يتم اتخاذها من حين لآخر نتيجة عوامل أو ظروف محفزة مثل العام الجديد أو عيد الميلاد أو حتى في يوم إثنين عادي، بمثابة فرصة لطي صفحة الماضي والمضي قدما نحو مستقبل أكثر إشراقا. وهناك بعض الأساليب والطرق التي تساعد على الالتزام بهذه القرارات وإنجازها، من بينها على الخصوص اختيار هدف واضح ومحدد، كما تؤكد ذلك الكاتبة كاثرين ل. ميلكمان في كتابها “كيف تتغير: علم الانتقال من حيث أنت إلى حيث تريد أن تكون” “How to Change: The Science of Getting from Where You Are to Where You Want to Be”. ومن الممكن أيضا تصحيح بعض العيوب الشخصية مثل الكسل أو الطابع الاندفاعي أو المماطلة، والتي يمكن أن تصبح عادة أكثر من كونها سمة شخصية، وذلك بالاعتماد على التحفيز والمثابرة.
ولا شك في أن رغبة المرء في مواصلة تحسين ظروف عيشه تؤدي إلى بروز الحاجة إلى اتخاذ عدة قرارات بمناسبة السنة الجديدة، والتي يمكن تحقيقها بالفعل من دون أن يقسو الشخص على نفسه، من خلال الكثير من التعاطف والحب تجاه الذات.