في المغرب، تشكل مدينة فاس، التي استضافت مؤخرا المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، بوتقة تنصهر فيها الأديان والثقافات، وذلك وفق ما أبرزه مقال للقسم الإعلامي لمنظمة الأمم المتحدة، على موقعها الإلكتروني.
وفي هذا المقال، المخصص للعاصمة الروحية للمملكة، والصادر أمس الأحد، أشار الموقع الإلكتروني الأممي، على الخصوص، إلى أن المقبرة اليهودية في فاس، التي يبلغ عمرها 200 عام، ترمز إلى التعايش في انسجام بين مختلف المجموعات في المدينة.
“عشنا في وئام. لم يكن هناك توتر. لقد عرفنا جميعا أننا يهود أو مسلمون أو كاثوليك، ولم نواجه أي مشاكل في هذا الجانب،” كما تشرح جوانا ديفيكو أوهانا، وهي يهودية تعتني بالمقبرة اليهودية، في حديث للقسم الإعلامي للمنظمة الأممية.
وأضاف المصدر ذاته أن والد جوانا، الذي اضطر إلى مغادرة بلده إلى فرنسا لتلقي العلاج، طلب من جوانا بإلحاح، قبل أن توافيه المنية، أن تقطع له وعدا، “عديني بشيء واحد – أنه إذا مت في فرنسا، بأنك ستحضرينني إلى فاس”.
كما تعتني جوانا، وهي من مواليد مدينة فاس، بشكل طوعي، بهذه المقبرة، وذلك بناء على طلب والدها الراحل إيلي ديفيكو، الذي كان مسؤولا عن صيانتها حتى وفاته قبل بضعة أشهر. وتضيف قائلة “كان والدي يعشق المغرب ويعشق فاس”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المقبرة اليهودية، التي تقع في “ملاح فاس”، تتميز بمقابرها شبه الأسطوانية، وتعكس تاريخ ازدهار يهود المغرب، مذكرا بأن فاس، الغنية بروافدها الإنسانية، كانت الفضاء الملائم لاستضافة المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، المنعقد في نونبر الماضي.
ويوضح القسم الإعلامي للأمم المتحدة أن مدينة فاس تشتهر اليوم بالفن والعلوم والحرف اليدوية والأنشطة التجارية، مشيرا إلى أنه تم إدراج المدينة، التي غالبا ما توصف بكونها المركز الثقافي والروحي للمغرب، كموقع للتراث العالمي لليونسكو. كما تشكل، عبر تنوعها الثقافي غير المادي وأيضا الملموس، بوتقة تتعايش فيها المجموعات الأمازيغية والعربية واليهودية وغيرها، حيث يعد الحي اليهودي الذي يعرف بـ “الملاح” دليلا على هذا التعايش.
ونقل الموقع الإلكتروني عن أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، قوله خلال افتتاح المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، إن “هوية المغرب قائمة على الانفتاح والانسجام والتلاحم، وموحدة بانصهار مكوناتها العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.
ويذكر المصدر بأن مدينة فاس، التي تقع شمال المغرب، كانت على مدى قرون عاصمة المغرب. وفي العام 809 م، شجع الملك إدريس الثاني اليهود على الانتقال إلى فاس، حتى تستفيد المدينة من مهاراتهم.