غزة تصرخ: خيانة الحكام العرب والمسلمين وتواطؤ الصمت الدولي

في كل مرة تجتاح غزة دورة جديدة من العنف والدمار، يتكرر المشهد ذاته: تنديدات واستنكارات وعبارات تضامن لا تتجاوز شاشات التلفاز وصفحات التواصل الاجتماعي، بينما يستمر العدو الإسرائيلي في عدوانه دون رادع حقيقي. غزة، تلك البقعة الصغيرة الكبيرة بالأمل والصمود والعزيمة، أصبحت مسرحًا لمأساة إنسانية مستمرة، وسط تخاذل وتواطؤ عالمي وإقليمي مفضوح.

لقد تكالبت الأزمات على غزة من كل جانب؛ الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات، والهجمات العسكرية التي لا تنقطع، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الكارثية التي جعلت الحياة هناك شبه مستحيلة. ومع كل ذلك، يقف العالم العربي والإسلامي متفرجًا، بل ويمضي البعض منهم في طريق التطبيع مع العدو، وكأن فلسطين لم تكن يومًا قضية العرب والمسلمين المركزية.

عذراً يا غزة، عذراً يا فلسطين، لقد خذلتك الأنظمة العربية التي تخلت عن دورها التاريخي في دعمك ومساندتك. فبعد أن كانت القضية الفلسطينية هي بوصلة السياسة العربية، نجد اليوم العديد من الدول العربية تتسابق نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، متجاهلة تمامًا معاناة الفلسطينيين وآلامهم، وفي الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف والدمار، تُفتح أبواب العواصم العربية أمام المسؤولين الإسرائيليين، وتُعقد الصفقات والاتفاقيات الاقتصادية وكأن شيئًا لم يكن.

إن هذا التخلي ليس مجرد خيانة لغزة، بل هو خيانة للكرامة الإنسانية وللضمير العالمي، فالشعوب العربية والإسلامية، التي لا تزال ترى في فلسطين رمزًا للمقاومة والصمود، تقف مذهولة أمام هذا التحول المخزي في المواقف. إنهم يرون حكوماتهم تتخلى عن المبادئ والقيم التي نشأوا عليها، ويشعرون بالخجل والعار من هذه الخيانة العلنية.

ليس فقط الحكومات العربية هي من تخلت عن غزة، بل إن المجتمع الدولي أيضًا يظهر تقاعسًا مخزيًا في التصدي للجرائم الإسرائيلية. فالقرارات الدولية والتنديدات لم تعد تجدي نفعًا أمام آلة الحرب الإسرائيلية، والعالم يقف مكتوف الأيدي، غير قادر أو غير راغب في فرض أي إجراءات فعالة لوقف العدوان ورفع الحصار.

في خضم هذا الواقع المرير، تظل غزة تقاوم، تظل فلسطين تنبض بالحياة والأمل، تظل شامخة رغم كل الجراح. ولكن يبقى السؤال الملح: إلى متى ستستمر هذه الخيانة؟ إلى متى سيبقى العالم صامتًا أمام معاناة شعب بأكمله؟

إننا اليوم في حاجة ماسة إلى وقفة حقيقية، إلى صحوة ضمير، إلى تفعيل الدعم الحقيقي والفعّال للقضية الفلسطينية، يجب أن ندرك جميعًا أن تحرير فلسطين هو مسؤولية جماعية، وأن الصمت أو التواطؤ مع العدو هو مشاركة في الجريمة.

ختاماً، أقول لغزة وللفلسطينيين: أنتم لستم وحدكم في هذا النضال، الشعب العربي والإسلامي وكل الأحرار في العالم يقفون معكم، حتى وإن خذلتكم الحكومات، فالأمل باقٍ بكم وبصمودكم، والنصر قريب بإذن الله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.