استضافت طنجة، أمس الثلاثاء، الدورة الثانية من اللقاءات الجهوية لبنك إفريقيا حول إزالة الكربون الصناعي، والتي جرت تحت شعار “الاستثمار في إزالة الكربون من أجل استدامة تنافسية المقاولة المغربية”.
ويندرج اللقاء، الذي نظم بشراكة مع مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والمركز الجهوي للاستثمار وفرع الشمال للاتحاد العام لمقاولات المغرب، ضمن سلسلة من الاجتماعات الجهوية حول إزالة الكربون الصناعي، والتي ينظمها بنك إفريقيا بمعية الصناعيين ومنظوماتهم، بهدف تقديم أجوبة ملموسة على احتياجات الشركات من حيث إزالة وخفض الكربون.
في كلمة بالمناسبة، أكد المدير العام التنفيذي المكلف بهيئة التمويل والاستثمار (CIB) ببنك إفريقيا، خالد نصر، أن هذا اللقاء، الذي يأتي بعد لقاء مماثل بالدار البيضاء في أكتوبر الماضي، يعتبر فرصة لجمع العديد من الفاعلين في القطاعين العام والخاص، بهدف تقديم الاستشارة والمواكبة اللازمتين، وتمكين المقاولات المغربية من خلق الظروف المواتية لانتقال ناجح إلى اقتصاد دون كربون.
وأشار خالد نصر إلى أن اللقاء، بفضل المشاركين من الفاعلين العموميين والخبراء وممثلي القطاعات، يلقي الضوء على المسار الذي بإمكان الشركات، لاسيما المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة، قطعه نحو اقتصاد أخضر ومستدام، مشيرا إلى أن بنك إفريقيا ملتزم بدعم الفاعلين الوطنيين في هذا الانتقال المهم لكوكب الأرض وللبلد وللاقتصاد الوطني.
في هذا الصدد، أبرز أن بنك إفريقيا يوفر لزبائنه، من خلال شبكته من مراكز الأعمال، عروض الاستشارة والمواكبة، بالإضافة إلى حلول تمويلية على المقاس، مذكرا بأن المجموعة، وضعت بشراكة مع المغرب مقاولات (Maroc PME)، عرض “CAP industrie verte”، الرامي إلى تقديم دعم قوي للمقاولات الصغيرة والمتوسطة لإنجاح تحولها الطاقي.
وجدد نصر التأكيد على التزام مجموعة بنك إفريقيا بالعمل جنبا إلى جنب مع المقاولات للمساهمة في بروز اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة، تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية في مجال تطوير الاقتصاد الأخضر، وتشجيع النجاعة الطاقية والتنمية المستدامة.
من جانبه، سجل مدير قطب السوق والمقاولات في بنك إفريقيا، أنس زرموني، أن هذه المحطة الثانية في سلسلة اللقاءات الجهوية التي أطلقتها المجموعة هي فرصة لزيادة الوعي بين الفاعلين المحليين والاقتصاديين بجهة الشمال بضرورة الانخراط في سيرورة إزالة الكربون، مشيرا إلى أن هذا الحدث يهدف إلى إلقاء الضوء على تحديات إزالة الكربون وأثرها على القدرة التنافسية للشركات المغربية، لاسيما المصدرة منها.
وقال إن “دورنا، باعتبارنا مؤسسة مالية يتمثل في ضمان أن تكون الصناعة المغربية منخرطة برمتها في هذه السيرورة”، مؤكدا أن هذا اللقاء يروم تبادل الرؤى والأفكار مع الفاعلين الاقتصاديين بالجهة حول إزالة وتقليص الكربون والتأكيد على التزام المجموعة بدعم النسيج الاقتصادي في هذه العملية.
من جهته، اعتبر رئيس الجهة، عمر مورو، أن إزالة الكربون مسار والتزام مسؤول لا رجعة فيه، ويهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والتخفيف من التغيرات المناخية، وتحسين القدرة التنافسية للشركات والمجالات الترابية، مشيرا إلى أن الاستثمارات الخاصة في مجال إزالة الكربون يمكن أن تساعد الشركات على تقليل تكاليفها التشغيلية وتحسين صورة علامتها التجارية، باعتبارها شركة مسؤولة ومواطنة، مع المساعدة في الوقت نفسه على خلق وظائف خضراء وتحفيز الابتكار التكنولوجي.
وشدد مورو على أن إزالة الكربون هو خيار استراتيجي ورابح سواء بالنسبة للبلد أو للجهة أو للمقاولة، مبرزا الحاجة لوضع مشاريع متعددة القطاعات متسمة بالالتقائية، على المستويين الجهوي والمحلي، للسماح ببروز منظومات ذكية من شأنها اغتنام الفرص المتاحة وتفادي المخاطر الحالية والمستقبلية.
أما بالنسبة للمدير العام للمركز الجهوي للاستثمار، جلال بنحيون، فقد أكد على أهمية هذا اللقاء، الذي يعتبر موضوعه تحديا حقيقيا وفرصة كبيرة للشركات المغربية وللاقتصاد الوطني، منوها بأن “اللجوء إلى الطاقة المتجددة لم يعد ترفا، بل صار ضرورة بالنسبة للصناعيين المغاربة، بالنظر إلى الآثار الضارة لتغير المناخ على المجتمع وسياق الأزمة الاقتصادية التي أعقبت الوباء”.
ودعا بنحيون، في كلمة تليت نيابة عنه، المقاولات المغربية إلى الانخراط دون تأخير في هذه المتطلبات الجديدة والالتزام بتوجيهات المملكة، والاستفادة من مزايا الانضمام إلى مختلف الجهود المبذولة من قبل كافة الفاعلين من أجل مستقبل منخفض انبعاثات الكربون، مجددا التأكيد على التزام المركز الجهوي للاستثمار، بفضل دعم شركائه، بمواكبة هذه المقاولات في جميع الخطوات اللازمة لنجاح مشاريعها الخضراء، بدءا من البحث عن التمويل وبلوغ حوافز الدولة، وصولا إلى ربط الاتصال مع الموردين المحتملين والتكوين والبحث عن الموارد البشرية المؤهلة.
ورأى رئيس فرع الشمال للاتحاد العام لمقاولات المغرب، عادل الرايس، أن موضوع إزالة الكربون يكتسي أهمية قصوى، بالنظر إلى الظرفية الراهنة، التي تتميز بارتفاع أسعار الطاقة، مشيرا إلى ضرورة قيام المقاولات المغربية بالاستثمار في الإنتاج الذاتي للطاقة لتلبية الاستهلاك الذاتي.
في هذا السياق، شدد على الحاجة إلى تبسيط الإجراءات وتعزيز التحفيزات للاستثمار في هذا المجال، بهدف تشجيع الاستقلالية الطاقية للاقتصاد المغربي، داعيا المقاولات، لاسيما المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة، إلى الاستثمار في التقنيات الخضراء من أجل خفض تكاليف الإنتاج والامتثال للمعايير البيئية المحلية والدولية المفروضة من قبل أرباب الطلبيات، خاصة في القطاعات التصديرية.
بمشاركة الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، والجمعية المغربية لصناعة وتركيب السيارات، تم التركيز بشكل خاص خلال هذا اللقاء على قطاعي النسيج والألبسة وكذلك على قطاع السيارات نظرا لأهمية هاتين الصناعتين في الجهة.
وتوزعت أشغال اللقاء على جلستي نقاش بعنوان “رهانات وتحديات خفض الكربون بالنسبة للمقاولة المغربية” ، و”البنك وشركاؤه، منافع حيادية الكربون وردود الفعل”، بمشاركة ثلة من الخبراء والمسؤولين المؤسساتيين ورجال الصناعة والفاعلين الاقتصاديين.
واجمع المشاركون في الجلستين على الطابع الاستراتيجي لإزالة الكربون بالنسبة للاقتصاد الوطني، مذكرين بهدف تلبية 50 في المائة من الاستهلاك الطاقي من الطاقات المتجددة في أفق عام 2030، حيث تبقى مساهمة الفاعلين العموميين والخواص ضرورية لتحقيق هذا الهدف.
من خلال التزامه بخلق ظروف مواتية للنمو المستدام ومساهمته في تسريع الانتقال الطاقي لزبنائه، يؤكد بنك أفريقيا مرة أخرى مكانته كفاعل رئيسي في ظهور الصناعة الخضراء في المغرب وموقعه في خدمة الاقتصاد الأخضر بهدف إحداث أثر إيجابي على النسيج الإنتاجي الوطني.