ما زالت ساكنة طاطا تصرخ بصوت خفي كأرض عطشى تنتظر قطرة ماء من سماء المسؤولية، بينما حكومتنا تقف كتمثال صامت في ميدان ضائع بين الوعود والكلمات، تلك الفيضانات لم تكن مجرد أمطار هبطت من سماء غاضبة، بل كانت زئير الطبيعة التي جرفت كل شيء في طريقها، وكأنها جاءت لتعيد رسم خرائط الأرض، لتذكرنا بأن الإنسان، مهما بلغ من قوة، يبقى هشا أمام غضب الطبيعة.
في الجنوب والجنوب الشرقي، حيث تلتقي الجبال بالصحاري، وحيث تتلاحم القرى كخيوط متشابكة من العزلة والصبر، تداعت الحياة كما يتداعى قماش قديم تحت وطأة الريح والماء، الأراضي تحولت إلى أطلال، والمزارعون وقفوا كجنود مهزومين على جبهات القرى، يراقبون محاصيلهم ومنازلهم تغرق في الطين، وكأن الطبيعة قررت أن تأخذ منهم كل شيء دفعة واحدة.
وماذا بعد؟؛
أين صندوق مكافحة الكوارث الطبيعية؟ أهو صندوق مغلق بقفل من التجاهل أم أن مفاتيحه ضاعت بين دهاليز السياسة؟ أليس من واجبكم أن تفعلوا هذا الصندوق كيد حانية تمتد إلى طاطا، لترمم الأرواح قبل البيوت، وتعيد الحياة إلى القرى التي أصبحت كأشباح في ضباب الإهمال؟ وماذا تنتظر الحكومة لتعلن طاطا منطقة منكوبة؟؟؟؟
لقد جفّت منابع الأمل كما جفت أنهار الجنوب قبل الكارثة، ولازلنا ننتظر أن تأتي الدولة كغيث يروي الأرض والناس، لكن يبدو أن العيون التي تنظر إلى الجنوب لا ترى سوى سرابا ولا ترى في “طاطا ومختلف المناطق المتضررة” سوى المصالح السياسية، فيما تمضي الأيام والقرى تسقط واحدة تلو الأخرى كأوراق الخريف في رياح الإهمال.
نحن لا نطلب معجزات، نطلب فقط أن يعود الضوء إلى عيون أهالي طاطا، وأن تعود الحياة إلى أراضيهم التي أصبحت رمادا بعد الحرائق، وطينا بعد الفيضانات، وصحارى بعد الجفاف.