سروج الخيل .. صناعة عريقة توارثها المغاربة أبا عن جد

تعتبر صناعة سروج الخيل في المغرب من الصناعات التقليدية القديمة والعريقة التي ارتبطت بالسلم والحرب والمناسبات، وتوارثها المغاربة أبا عن جد.

وهكذا ظلت منتجات هذه الصناعة حاضرة بقوة في المناسبات الدينية والوطنية، من خلال تنظيم الحفلات والأعراس والمواسم، خاصة “التبوريدة” التي يتميز بها المغاربة.

وتعتبر السروج من الأدوات الضرورية في “التبوريدة”، وذلك بالنظر لخصوصياتها التي تظل مرتبطة بالجهة أو المنطقة التي تعيش فيها الخيول.

وإذا كانت مدن فاس ومراكش الموطن الأصلي لصنع السروج، فإن هناك جهات أخرى عرفت بصناعة السروج حسب حاجياتها.

وبمناسبة معرض الفرس المقام حاليا بالجديدة تحضر منتجات هذه الصناعة عبر عرضها بعدة أجنحة، فضلا عن تزين الأحصنة بها خلال مختلف المنافسات.

يقول محمد بشير علمي مسؤول عن رواق جهة طنجة تطوان الحسيمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه حاول من خلال مشاركته في معرض الفرس، إبراز خصوصيات الجهة في الجانب المتعلق بالفرس، سيما المرتبط بالسروج أثناء نشاط “التبوريدة”.

وأوضح أن الصناع التقليديين بالجهة أدخلوا بعض التحسينات في ما يخص غطاء السروج، إذ يعتمدون على غطاء منسوج يدويا يتميز بخطوط وألوان معينة لا توجد إلا بالمنطقة.

وأضاف أن الفرسان بالجهة اعتادوا منذ القديم التسابق على الخيول بدون سروج، وورثوا ذلك عن أجدادهم الذين كانوا يستعملون الخيول في الحروب بدون سروج لترك حرية أكبر للفارس والفرس ليتحرك كل منهما بأريحية لمواجهة الأعداء.

كما اعتاد سكان الجهة ممارسة لعبة “ماطا” على ظهور الخيول بدون سروج وهي لعبة قديمة ونادرة.

وفي تصريح مماثل أبرز سيدي علي ماء العينين عن مؤسسة “مكار” طان طان، أن الأدوات والتجهيزات التي تستعمل في نشاط “التبوريدة”، تنقسم إلى قسمين، قسم تتكفل به النساء وهو كل ما يتعلق بالجلد، الذي يتم دبغه وتقطيعه إلى شرائح دقيقة لصنع المجدول والصراع والدير والحزام وغطاء السرج، وقسم أخر يتكفل به الرجال ويتعلق بالحديد والنحاس، إذ يتم صنع القصبة أو العظم ، التي تغطى بالجلد والركابات.

من جهته أكد فؤاد الإدريسي القيطوني، وهو أقدم صانع تقليدي للسروج في جهة فاس-مكناس، أن الجلد والصقلي والخيط، تعتبر من المواد الأساسية التي تدخل في صناعة السروج، حيث تقوم النساء بعملية الطرز ( أنواع كثيرة من الطرز : الممتاز، العادي ، ثم الصقلي المصنوع من الفضة “النقرة” ).

كما أن هناك سروجا قديمة ترتبط ب”البيعة”، تعود إلى فترة دخول مولاي إدريس للمغرب، حيث ظلت متوارثة جيلا عن جيل، وهو ما يعرف بالسرج الحسبي، الذي يعود تاريخه إلى 12 قرنا.

وأشار إلى أنه استغل فترة الحجر الصحي من أجل صناعة السروج التي اعتاد السلاطين القدماء استعمالها، كما يقوم بصنع سروج من جلد الماعز، واستعمال خيط الفضة، الذي يستعمل لأول مرة بعد قرنين من الغياب.

من جهة أخرى، عبر القيطوني عن قلقه فيما يخص استمرارية هذا التراث، إذ أن صناعه يتوفون تباعا، وذلك في غياب المهتمين به من الشباب الذين يستطيعون حمل المشعل وضمان وصوله إلى الأجيال القادمة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.