روسيا تعلن بدء سحب قواتها من خيرسون والجيش الأوكراني يستعيد قرى

أعلنت موسكو، أمس الخميس، أنها بدأت الانسحاب من خيرسون بجنوب أوكرانيا فيما أكدت كييف أنها استعادت نحو عشر قرى في هذه المنطقة الاستراتيجية المطلة على البحر الأسود.

وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن وحدات من قواتها تجري إعادة تموضع في “موقع معد لها على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو، بما يتوافق بشكل صارم مع الخطة المقررة”.

لكن السلطات الأوكرانية بدت مشككة بعد الإعلان الروسي الذي سيمثل، في حال تأكده، انتكاسة كبيرة لموسكو في المنطقة التي ضمتها إلى أراضيها.

وفي الأسابيع الأخيرة استعادت القوات الأوكرانية قرى عدة في إطار زحفها إلى خيرسون، المدينة الرئيسية في المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، بينما كان القادة الذين نص بهم الكرملين في خيرسون ينقلون المدنيين إلى خارجها، في ما وصفته كييف بعمليات ترحيل غير قانونية.

قال الجنرال الأوكراني فاليري زالوجني على وسائل التواصل الاجتماعي إن قواته استعادت ست قرى بعد معارك قرب جبهة بيتروبافليفكا-نوفورايسك.

وأضاف أن الجيش الأوكراني استعاد ست قرى أخرى في اتجاه بيرفومايسكي-خيرسون، وسيطر على أراض تتجاوز مساحتها 200 كيلومتر مربع.

في وقت متأخر الأربعاء، أعلن كبار مسؤولي الدفاع الروس المكلفين الملف الأوكراني في اجتماع متلفز أنهم اتخذوا “القرار الصعب” بالانسحاب من خيرسون وإقامة خطوط دفاعية في مناطق أبعد.

وفي مدينة ميكولايف القريبة في الجنوب والتي قصفتها القوات الروسية بالمدفعية والصواريخ لأشهر، لم يصدق السكان أن الروس سيقرنون أقوالهم بالأفعال.

من جهته اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا يمكن أن تكون بصدد إجراء مناورة استراتيجية.

وتكرر التحذير على لسان مسؤولين عسكريين في كييف الخميس.

وقال أوليكسي غروموف، من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية “في هذه المرحلة، لا يمكننا تأكيد المعلومات المتعلقة بانسحاب القوات الروسية من خيرسون أو نفيها”.

خسارة روسيا منطقة خيرسون تعني استعادة أوكرانيا منفذا مهما على بحر آزوف، وست ضعف حصيلة بوتين في الحملة التي حو لته مسؤولا منبوذا في عيون الغرب.

وسيؤدي الانسحاب إلى الضغط على القوات الروسية في بقية منطقة خيرسون التي تشكل جسرا بر ي ا من روسيا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.

في الأسابيع التي سبقت إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قال مسؤولون نص بهم الكرملين إنهم “يجلون” المدنيين ويجعلون المدينة “حصنا”.

مع تقدم القوات الأوكرانية جنوبا، أبلغ القائد الروسي في أوكرانيا سيرغي سوروفكين الأربعاء وزير الدفاع الروسي بأنه تم نقل حوالى 115 ألف شخص من الضفة الغربية لنهر دنيبرو حيث تقع مدينة خيرسون.

كانت خيرسون واحدة من أربع مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمها في أيلول/سبتمبر بعيد إجبارها على الانسحاب من مساحات شاسعة من الأراضي في شمال شرق منطقة خاركيف.

في موسكو، سارع أنصار الكرملين إلى تبرير القرار رغم الانتكاسات السابقة في أوكرانيا التي أج جت الانقسامات بين حلفاء بوتين.

وقالت مارغريتا سيمونيان رئيسة مجموعة “آر تي” الإعلامية الحكومية إن الانسحاب ضروري لعدم ترك القوات الروسية مكشوفة على الضفة الغربية لنهر دنيبرو و”فتح الطريق إلى القرم”.

وقال رجل الشيشان القوي رمضان قديروف إن القرار “صعب لكنه صائب”.

جاء إعلان الانسحاب في وقت قدرت الولايات المتحدة مقتل أو إصابة أكثر من 100 ألف عسكري روسي في أوكرانيا.

ويرجح أن قوات كييف تكبدت خسائر مماثلة، وفق رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك ميلي الذي أعلن الأرقام.

كانت روسيا تضغط من أجل السيطرة على باخموت في شرق منطقة دونباس، وقد تعرضت البلدة الشهيرة بمناجم النبيذ والملح لنيران مكثفة مدى أسابيع.

وصرح الجندي فيتالي (26 عاما) لوكالة فرانس برس في باخموت “أصبح الأمر أكثر صعوبة في الأيام الثلاثة الماضية. الروس يضغطون أكثر فأكثر، لكن شبابنا يحافظون على مواقعهم”.

ورغم المعارك المتواصلة منذ أربعة أشهر، بقي حوالى نصف السكان البالغ عددهم 70 ألف شخص في المدينة ولاسيما في شرقها.

وسط هذه التطو رات، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تشمل صواريخ إضافية للدفاع الجوي، بقيمة إجمالية تناهز 400 مليون دولار.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) سابرينا سينغ لصحافيين إنه نظرا إلى “الضربات الجوية الروسية القاسية والوحشية على البنية التحتية المدنية الحيوية في أوكرانيا، فإن قدرات الدفاع الجوي الإضافية لها أهمية قصوى”.

وتشمل الحزمة أربعة أنظمة مضادة للطائرات القصيرة المدى من طراز “أفينجر” وأنظمة متنق لة مثبتة على مدرعات خفيفة وعددا غير محدد من صواريخ “ستينغر”.

من جهتها أعلنت الحكومة الإسبانية الخميس أنها سترسل إلى أوكرانيا منظومتي “هوك” للدفاع الجوي، لتضاف إلى أربع قاذفات صواريخ سبق أن أرسلتها لكييف لمساعدتها في التصدي للصواريخ الروسية.

في غضون ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه لن يعترف بعد الآن بجوازات السفر الروسية الصادرة في المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو، وفي المناطق الانفصالية الموالية لروسيا في جورجيا، وذلك إثر اتفاق تم التوصل إليه الخميس بين البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء.

وبالتالي لن يتمك ن حاملو هذه الوثائق من الحصول على تأشيرة أو دخول منطقة شنغن. وقال مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان “يأتي القرار ردا على الهجوم العسكري الروسي غير المبرر على أوكرانيا”.

إلى ذلك، بلغت الأصول الروسي ة التي جم دتها بريطانيا في إطار عقوباتها على موسكو بعد غزو أوكرانيا 18,4 مليار جنيه استرليني، وفق أرقام لوزارة الخزانة أصدرتها الخميس في بيان.

وترى لندن أن المبلغ يبين “محورية دورها في مواجهة روسيا بسبب غزوها غير الشرعي لأوكرانيا”، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يزيد بنحو 6 مليارات جنيه استرليني عن كل برامج العقوبات البريطانية الأخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.