أكد الخبير السياسي الشرقاوي الروداني أنه في عالم يمر بتحولات عميقة، تمكن المغرب والاتحاد الأوروبي من توطيد شراكتهما الاستراتيجية ومتعددة الأبعاد، وتأطيرها بتصميم استراتيجي.
وأشار الروداني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن تطوير هذه العلاقة لم يكن ظرفيا، بل كان ثمرة مسلسل متعدد الأشكال، منسق وطموح.
وأضاف أنه أمام التحديات والرهانات الجيوسياسية للمتوسط الذي أصبح فضاء توتر حيث يسود عدم اليقين، تمكن المغرب والاتحاد الأوروبي من رفع العديد من التحديات في مجال الأمن، والتنمية المشتركة، وتعزيز التعددية بالمتوسط، مذكرا بأن الرباط تضطلع بدور رئيسي في السلام والأمن في العديد من مناطق التأثير الاستراتيجية للفضاء الأوروبي.
وشدد الخبير السياسي أن هذا هو الحال بالنسبة لمنطقة الساحل والصحراء، والملف الليبي الذي يمثل ب عدا جيوستراتيجيا لسياسة الدفاع والأمن الأوروبية، مسجلا أن ريادة المملكة في القارة الافريقية تمثل بالنسبة للاتحاد الأوروبي مؤشرات رؤية سياسية واضحة وجلية، وهو نموذج طليعي منخرط بتلقائية في بنية علاقة دائمة ووطيدة للاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الافريقي.
وبالنسبة للروداني، يظل المغرب ركيزة في تطوير العلاقات جنوب – جنوب وشمال – جنوب، وبالتالي همزة وصل بين افريقيا وأوروبا، معتبرا أنه نموذج يطمح المغرب لبنائه من خلال سياسة ملكية نشطة ومتبصرة، تتأسس على إقامة تعاون معزز بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط ، وهو ما تجسد في الخطاب الملكي بمناسبة انعقاد قمة العالم العربي – الاتحاد الأوربي سنة 2019.
وفي إشارة للزيارة الأخيرة للمغرب للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، فضلا عن المفوض الأوروبي للتوسع وسياسة الجوار الأوروبية، أوضح الخبير السياسي أن “العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي ليست وليدة اليوم، فالاعتبارات التاريخية والجغرافية والثقافية والسياسية كانت بمثابة الأسس لبناء دعائم تعاون قوي ومتنوع تم تعزيزه على مر السنين”.
وأضاف أن “زيارة المفوض الأوروبي للجوار دليل على المكانة التي يحتلها المغرب لدى أوروبا، وهي مكانة تتباين مع دول الجوار المباشر الغارق في الاضطرابات والأزمات المؤسساتية “.
واعتبر المتحدث ذاته أن التصميم الاستراتيجي الذي تجسد بواسطة خارطة الطريق الموقعة سنة 2019 بمناسبة مجلس الشراكة المغرب – أوروبا، والتي تشير إلى مخطط الأولويات وآفاق تطوير مجالات التعاون، تعزز على الرغم من السياق العالمي الذي تفاقم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، ورغم محاولات بعض الأطراف الأوروبية التي تشكل أقلية، والتي حاولت عبثا الاضرار بعلاقة يصفها القادة الأوروبيون بأنها استراتيجية جدا، ولا محيد عنها لتحقيق السلام والأمن على ضفتي البحر الأبيض المتوسط .
وأوضح أن الاستقرار السياسي والإصلاحات الشاملة التي يقوم بها المغرب، فضلا عن دوره المحوري في مكافحة الإرهاب، والهجرة السرية، والجريمة العابرة للحدود، من بين النقاط البارزة التي تجعله شريكا رئيسيا للاتحاد الأوروبي في المنطقة.
وقال إنه في عالم يسوده الاضطراب، فإن هذه المؤهلات الجيوستراتيجية للمغرب في الفضاء المتوسطي تشكل رافعة للتنمية والسلام والأمن لأوروبا، مسجلا أن هذه الحيوية في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي ظلت هدفا ” للمكائد وتحركات بعض الأطراف المستاءة “.
وبحسب الخبير السياسي فإنه من الأساسي التمييز من جهة، بين أوروبا ذات مصداقية وجادة ومؤسساتية تعرف كيف تقدر المغرب ومؤهلاته الجيوستراتيجية بقيمتها الحقيقية، ومن جهة أخرى “بعض الأطراف الأوربية التي تشكل أقلية، والتي تحاول معارضة جودة وحتمية العلاقات بين المغرب وأوروبا بضربات تحت الحزام، ومكائد ومؤامرات صامتة”.