حينما تطالب الحكومة (البام) نفسها بالتواصل…أي غرابة هذه؟

خرج حزب الأصالة والمعاصرة، أحد أضلاع الأغلبية الحكومية، ببلاغ سياسي غليظ النبرة، يرفض فيه ما سماه “التوظيف السياسي” للجدل القائم حول دعم مستوردي الماشية واللحوم، مطالبًا في الوقت ذاته الحكومة -التي هو جزء منها- بمزيد من الشفافية والتواصل حول هذا الملف الحساس.
بلاغ “الجرار” لم يخف امتعاضه من كون الدعم العمومي، بما فيه الإعفاءات الضريبية والجمركية، لم ينعكس إيجابا على القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى تعقيد هذا الملف نتيجة تشابك المتدخلين وتداخل الاختصاصات.

لكن المفارقة الغريبة، التي لا يمكن لأي متابع للمشهد السياسي إلا أن يتوقف عندها، تكمن في أن الحزب الذي يطالب الحكومة بالتوضيح والشفافية، هو نفسه جزء من هذه الحكومة، وله وزراء ومسؤولون يدبّرون قطاعات حيوية! فهل يخاطب “البام” حكومة من كوكب آخر؟ أم أنه يمارس نوعًا من “المعارضة من الداخل” التي أصبحت سمة بارزة في مغرب المفارقات؟

كيف يعقل أن يحمل الحزب الحكومة مسؤولية عدم تواصلها، وهو حاضر في المجالس الوزارية، وشريك في القرارات، ومسؤول عن جزء من تدبير الشأن العام؟ أليس الأجدر أن يوجه انتقاداته داخل دواليب الحكومة، لا من خلال بلاغات سياسية تُقرأ وكأنها صادرة عن حزب معارض؟

وفي سياق متصل، عبّر الحزب عن تثمينه لموقف المدير العام لمنظمة العمل الدولية بخصوص مشروع قانون الإضراب، مشيدا بجهود الحكومة في الوفاء بمخرجات الحوار الاجتماعي، لا سيما القرار الأخير المتعلق بمنح التقاعد للأجراء المتوفرين على 1320 يوم عمل فقط.

كما نوه بموقف الولايات المتحدة الأمريكية الداعم لمغربية الصحراء، معتبرا إياه مكسبا دبلوماسيا جديدا يعزز من متانة العلاقات الثنائية، ويمنح المغرب زخمًا إضافيا في معركة تثبيت وحدته الترابية، لا سيما قبيل المشاورات المرتقبة بمجلس الأمن حول الملف.

أما بخصوص القضية الفلسطينية، فقد عبر الحزب عن صدمته من استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، واصفا إياه بالإبادة الجماعية، داعيا المجتمع الدولي إلى الضغط الفوري على إسرائيل من أجل وقف العدوان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للضحايا المدنيين.

ختاما، يبقى بلاغ “البام” نموذجا لـ “الازدواجية الخطابية” في المشهد السياسي المغربي، حيث يصعب التمييز أحيانا بين من هو في المعارضة ومن في الحكومة، فحين يصرخ العضو داخل جسد الحكومة مطالبا رأسها بالتواصل، فإما أننا أمام خلل حقيقي في التنسيق والتكامل بين مكونات الأغلبية، أو أمام مشهد سياسي عبثي يجعل من البلاغات وسيلة لغسل الأيادي بدل تحمل المسؤولية السياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.