تميزت سنة 2022، على مستوى جهة الشرق، بانتعاش النشاط السياحي بفضل موسم صيفي جيد، بعد رفع القيود المرتبطة بالأزمة الصحية العالمية.
وقد تنفس الفاعلون في القطاع السياحي، بما فيهم أصحاب الفنادق والمطاعم ووكلاء الأسفار وجميع المتدخلين، الصعداء بعد مواسم سياحية تأثرت بشدة بسبب جائحة كوفيد-19 وتداعياتها السلبية على الاقبال على المواقع السياحية والتنشيط الثقافي والصيفي والسفر بشكل عام.
وقد عرف النشاط السياحي أداء جيدا خاصة خلال الصيف الماضي الذي أنعش آمال الفاعلين في القطاع، إذ بلغ عدد الوافدين على المؤسسات الفندقية المصنفة، بحسب معطيات لوزارة السياحة، أكثر من 110 آلاف سائح ما بين يونيو وغشت 2022، أي بزيادة فاقت 30 في المائة مقارنة مع نفس الفترة لعام 2021، واستعادة لأزيد من 90 في المائة من الوافدين مقارنة مع سنة 2019.
وتأكد هذا التوجه أيضا من خلال عدد ليالي المبيت الفندقية المسجلة خلال الصيف (360 ألف ليلة)، مقتربة بذلك من المستوى المسجل خلال صيف 2019.
وبالتالي، تمكن عدد كبير من السياح، بما في ذلك مغاربة العالم، من تجديد الصلة بهذه المنطقة أو اكتشاف لأول مرة هذه الوجهة التي تزخر بمؤهلات سياحية هامة، خاصة الشاطئية، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق جاذبية خلال فترة الصيف.
كما انعكس هذا الانتعاش السياحي على النتائج الإيجابية للحركة الجوية في المطارات الرئيسية بجهة الشرق، حيث يعد مطارا وجدة – أنجاد والناظور-العروي من بين المطارات المغربية التي سجلت أعلى معدلات استرجاع مقارنة بسنة 2019 ، أي قبل الجائحة.
وقد استقبل مطار الناظور – العروي ما مجموعه 777 ألف و783 مسافرا، خلال الأشهر ال11 الأولى من سنة 2022، أي ما يمثل معدل استرجاع بنسبة 109 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2019، وفق معطيات للمكتب الوطني للمطارات.
من جانبه، سجل مطار وجدة – أنجاد، مع نهاية شهر نونبر 2022 ، حجم رواج تجاري قدره بـ 793 ألف و460 مسافرا، أي بمعدل استرجاع بنسبة 121 في المائة.
وقد لوحظ أيضا تسجيل دينامية في مجال النقل البحري، على المستوى الجهوي، في ميناء بني انصار، والذي استفاد من العودة المكثفة للمغاربة المقيمين في الخارج خلال عملية مرحبا.
وعلى مستوى الجهة، تعد مدينة السعيدية الوجهة الرئيسية، خاصة بفضل المحطة السياحية التي تبلغ سعتها السريرية أزيد من 6400 سرير، وتقدم عرضا تنشيطيا غنيا، بما في ذلك حديقة للألعاب المائية، ومارينا، وملعب للغولف، والعديد من النوادي البحرية التي تعرف إقبالا كبيرا خلال الصيف.
من جانبها، تعد مدينة الناظور، وفي مقدمتها محطة مارشيكا السياحية، وجهة صاعدة لجهة الشرق، بفضل مجالها الطبيعي المتميز، والعرض السياحي المتنامي سنة بعد أخرى.
وتستفيد محطة مارشيكا من تموقعها الفريد في مجال السياحة الإيكولوجية؛ الشيء الذي يجعل منها وجهة سياحية شاطئية جذابة مع إعطاء اهتمام خاص للجانب البيئي المرتبط بالإرث الطبيعي للبحيرة.
ويرتقب عند استكمال هذه المحطة أن توفر عرضا فندقيا غنيا ومتنوعا بسعة سريرية تناهز 2500 سرير؛ الشيء الذي سيمكنها من تعزيز المنظومة السياحية للجهة، ومن أن تضطلع بدورها كاملا كقاطرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الناظور الكبير.
وخلال زيارة للمحطتين الشاطئيتين السعيدية ومارشيكا، بهدف الاطلاع على نتائج موسم الصيف، وتحديد محاور التنمية لهذه الوجهتين، أشادت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، بتميز الموسم الصيفي الذي تحقق هذه السنة على مستوى جهة الشرق، والذي مكن من استرجاع 90 في المائة من إنجازات سنة 2019 من حيث عدد الوافدين على المؤسسات الفندقية، وكذا زيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بسنة 2021.
وأكدت رغبة الوزارة في تسريع وتيرة الاستثمارات في جهة الشرق، مع إعطاء الأولوية لمحطتي السعيدية ومارشيكا، مشيرة إلى أن السياحة الشاطئية تمثل قوة لهذه الجهة التي تزخر أيضا بمؤهلات سياحية أخرى غنية ومتنوعة ينبغي تثمينها.
وبالفعل، تزخر جهة الشرق، انطلاقا من جبال بني يزناسن وتراثه ما قبل التاريخ إلى فجيج، الواحة الأقرب إلى أوروبا، بكنوز طبيعية وأثرية ومعمارية استثنائية، وبتراث ثقافي لامادي غني ومتنوع، الذي لم يتم بعد استغلاله بشكل كامل في خدمة تنمية السياحة واقتصاد المنطقة.
لذلك، فإن الأمر يتطلب تعزيز هذا العرض السياحي وتنشيطه، من أجل إنعاش القطاع، وأيضا لإيجاد حلول مناسبة لإشكالية موسمية النشاط السياحي.