جلالة الملك: حماية القدس لا تقبل المزيدات وتوقّف المفاوضات يُنذر بصراع عقائدي

أكد جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، إن توقف المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني واستمرار حالة التعنت والجمود في العملية السلمية، يمنح الفرصة للجهات المتطرفة لتأجيج الصراع واستثارة المشاعر الدينية وزيادة حالة الاحتقان والتوتر داخل مدينة القدس، مما ينذر بتحول النزاع من صراع سياسي إلى صراع عقائدي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.

وشدد جلالته، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى، لحماية ودعم مدينة القدس، الذي افتتحت أشغاله اليوم الأحد بالقاهرة، أن “حماية مدينة القدس من مخططات تغيير الوضع التاريخي والقانوني فيها، ينبغي أن يكون عملا صادقا ومخلصا، بعيدا عن نطاق الشعارات الفارغة، والمزايدات العقيمة، والحسابات الضيقة”.

وأوضح العاهل المغربي، في رسالته، التي تلاها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أن مشاركة المملكة المغربية، في هذا المؤتمر تعد تأكيدا لالتزامها المتجدد والثابت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص، مسجلا أن المملكة تولي القدس، أهمية قصوى، “من منطلق الأمانة التي نتقلدها، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي”

وشدد جلالة الملك محمد السادس، أن المغرب، جعل من القضية الفسطينية، في مستوى مكانة “قضيتنا الوطنية الأولى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجية، كما أكدنا على ذلك في مناسبات مختلفة”، مضيفا أنه “مما يضفي أهمية خاصة على هذا اللقاء الهام، كونه ينعقد في ظرفية صعبة تمر منها القضية الفلسطينية، وقضية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك “.

وتابع جلالته، “هو ما يلقي على عاتقنا مسؤولية جماعية، في إطار أجندة العمل العربي المشترك، وتوحيد الموقف العربي، لمواجهة الانتهاكات التي تتعرض لها المدينة المقدسة، ومحاولة طمس هويتها الحضارية الفريدة، وتغيير طابعها القانوني، الذي تعهدت قرارات مجلس الأمن الدولي بحمايته”.

واعتبر جلالة الملك، أن التدابير الأحادية، التي من شأنها إضفاء واقع غير شرعي على القدس ومحيطها، تعتبر تهديدا للوضع القانوني للمدينة، وتركيبتها الديمغرافية، وطابعها التاريخي القائم على تعدد الثقافات والأديان.

وسجل رئيس لجنة القدس، أن الإجراءات الممنهجة والمتعارضة مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لا تساعد على بناء الثقة، بل تقوض كل أسس التوصل إلى حل دائم، يقوم على وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، في أمن وسلام، موضحا أن “الحديث عن الواقع الصعب للقدس الشريف، لا يمكن قراءته بمعزل عن سياقه العام، المرتبط بمسار القضية الفلسطيني”.

كما لفت جلالة الملك، إلى أن مدينة القدس “تحظى بمكانة متميزة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية، مما يجعلها أمانة على عاتقنا جميعا، ومسؤولية كبرى أمام الله والتاريخ”، مسجلا أن “الدفاع عنها لا يجب أن يكون عملا ظرفيا أو مناسباتيا، وإنما ينبغي أن يشمل التحركات الدبلوماسية المؤثرة، والأعمال الميدانية الملموسة، داخل المدينة المقدسة”.

وأكد جلالته، أن العمل الميداني الملموس، الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس الشريف، “وهي الذراع الميدانية للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، منذ أزيد من 25 سنة، تحت إشرافنا الشخصي، يهدف إلى دعم المدينة المقدسة، والحفـاظ على طابعها الحضاري، من خلال تنفيذ مشاريع اجتماعية وتنموية تهم جميع فئات المجتمع المقدسي”.

وأشار رئيس لجنة القدس، إلى  الوكالة استطاعت تنفيذ ما يزيد عن 200 مشروعا، بكلفة تُقدّر بحوالي 65 مليون دولار، بتمويل مغربي مائة في المائة، من ميزانيتها في صنف تبرعات الدول، وحوالي 70 في المائة، في صنف تبرعات المؤسسات والأفراد.

هذا، ومثل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في مؤتمر دعم القدس الذي بدأت أعماله اليوم الأحد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة.

ويضم الوفد المغربي في هذا الحدث رفيع المستوى ، بالخصوص المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، وحسن العسري مدير الشؤون القانونية والمعاهدات بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وأحمد التازي سفير المملكة بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.

ويشهد المؤتمر حضورا عربيا وإسلاميا وازنا حيث يشارك فيه الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، فضلا عن ممثلين رفيعي المستوى عن منظمات اقليمية وعربية ودولية بما فيها الامم المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي وحركة عدم الانحياز والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي ومجلس التعاون الخليجي .

ويناقش المؤتمر التطورات السياسية في فلسطين بالإضافة إلى الأبعاد القانونية والتنموية الإستثمارية، ويسلط الضوء على الواقع السياسي في مدينة القدس والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها حكومة الاحتلال الإسرائيلي من مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وهدم المنازل وتهجير المواطنين قسرا من منازلهم ومحاولات تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى، إضافة إلى الجرائم المرتكبة في مجال حقوق الإنسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.