وهكذا، ساهمت المبادرة، منذ انطلاقتها سنة 2005، في الحد من الهدر المدرسي على صعيد التراب الوطني بشكل عام وتراب عمالة مقاطعة عين الشق بشكل خاص، حيث أولت اهتماما خاصا لدعم التمدرس وتحسين ولوج الفئات الهشة إلى التعليم من خلال تعزيز آليات النقل المدرسي.
وفي هذا الصدد، يرتكز عمل المبادرة على عدة محاور تشمل، على الخصوص، تحسين البنية التحتية التعليمية، وتوفير خدمات النقل المدرسي المجاني أو المدعوم لفائدة الأطفال في مختلف المستويات الدراسية، مما يزيل العقبات التي تشكل أحد الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي، خاصة في القرى والمناطق شبه الحضرية.
كما شكل الدعم الذي خصصته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال المرحلتين الأولى والثانية، لتوفير حافلات النقل المدرسي لفائدة التلاميذ المنحدرين من مناطق: المكانسة، و الضرابنة، وسيدي مسعود، عاملا أساسيا لتسهيل ولوج التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها و الرفع من نسب التمدرس بهذه المناطق.
ويساهم النقل المدرسي بالمناطق القروية بشكل كبير في مكافحة الهدر المدرسي، وتسهيل ولوج التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية، وتسهيل تنقلاتهم وتحسين ظروف تمدرسهم، إلى جانب تشجيع تمدرس الفتيات في الوسط القروي، لاسيما وأنه يساهم في خفض النفقات التي تضطر الأسر إلى تحملها لتمكين أبنائها من مواصلة دراستهم في ظروف جيدة.
وفي سياق متصل، أوضح عبد الإله بقاش، رئيس مصلحة بقسم العمل الاجتماعي بعمالة مقاطعة عين الشق، أن مشاريع النقل المدرسي، التي تشرف عليها 10 جمعيات محلية بكل من المكانسة والضاربنة و أولاد حدو، ساهمت بشكل مباشر في حل العديد من الإشكاليات المتعلقة بالدرجة الأولى بصعوبة ولوج ساكنة المناطق المعنية إلى خدمات التعليم، علاوة على الرفع من جودة التحصيل الدراسي لدى الأطفال.
وسجل بقاش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أولت اهتماما خاصا للمناطق التي تشهد خصاصا على مستوى النقل المدرسي، من خلال توفير النقل المدرسي للحد من ظاهرة الإنقطاع عن الدراسة.
وبخصوص عدد حافلات النقل المدرسي داخل تراب العمالة، أكد المسؤول أن عددها يبلغ 29 حافلة كلها مدعمة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث يصل عدد المستفيدين من هذه العملية إلى 2752 مستفيدة ومستفيدا، منهم 1766 يتابعون دراستهم في السلك الإبتدائي، و595 تلميذا بالثانوي الإعدادي، و391 بالثانوي التأهيلي.
وفي ما يتعلق بالتوزيع الجغرافي لهذه الحافلات، يضيف بقاش، تستفيد منطقة المكانسة من 50 في المئة من أسطول الحافلات، تليها منطقة الضرابنة بنسبة 29 في المئة، ثم منطقة سيدي مسعود التي تستفيد من 21 في المئة من مجموع حافلات النقل المدرسي.
وفي إطار إبراز الدور الكبير الذي تضطلع به المبادرة في الحد من ظاهرة الهدر المدرسي، نوهت فعاليات جمعوية وآباء وأولياء أمور التلاميذ بعمالة مقاطعة عين الشق بالدور المحوري لمساهمة المبادرة في محاربة ظاهرة الهدر المدرسي وتشجيع التلاميذ على التمدرس.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس جمعية الإسماعيلية محمد البدوي، في تصريح مماثل، أن الحافلات الثلاث التي تتوفر عليها الجمعية بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تساهم بشكل كبير في تسهيل وصول الأطفال إلى المؤسسات التعليمية التابعة للنفوذ الترابي للعمالة، وهو ما أدى إلى الحد من ظاهرة الهدر المدرسي.
وأبرز البدوي، وهو أيضا رئيس جمعية ﺁﺑﺎﺀ ﻭﺃﻣﻬﺎﺕ ﻭﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻼﻣﻴﺬ بمؤسسة الأدارسة الإبتدائية، أن لهذه الحافلات أثر إيجابي على الأسر بمنطقة سيدي مسعود أولاد حدو، سواء على مستوى تكلفة وعناء التنقل، أو على مستوى الأمان الذي توفره كونها تنقل الأطفال من نقاط التجمع بالمناطق السكنية مباشرة إلى المؤسسات التعليمية بشكل آمن و سلس.
وتابع أنه “قبل الحصول على دعم المبادرة لاقتناء هذه الحافلات، ونظرا لعدم توفر المنطقة حينها على مؤسسات تعليمية كان الأطفال يقطعون مسافة تزيد عن 7 كيلومترات بشكل يومي ذهابا وإيابا، وذلك سيرا على الأقدام أو مستعملين وسائل نقل غير آمنة للوصول إلى المدارس، مؤكدا أنه” بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ارتفعت نسبة التمدرس بالمنطقة خاصة في صفوف الفتيات”.
من جانبه، قال محمد اليعقوبي، وهو أب لتلميذين بمؤسسة الأدارسة الابتدائية بتراب عمالة مقاطعة عين الشق، “قبل توفير حافلات النقل المدرسي من طرف الجمعيات التي حصلت على دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كنا نعيش معاناة حقيقية بمنطقة المكانسة 5 لتمكين أطفالنا من الولوج إلى المدارس”.
وأبرز أن حافلات النقل المدرسي تسهل عملية وصول الأطفال إلى المؤسسات التعليمية، كما تخفف من تكاليف التنقل اليومي للأسر، وبالتالي مساعدة الأطفال للولوج إلى الفضاءات المدرسية.
يذكر أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جعلت من النهوض بالتعليم الأولي محورا أساسيا في مرحلتها الثالثة، مع التركيز بشكل خاص على العالم القروي، وذلك إدراكا منها لأهميته في تنمية شخصية الطفل، نظرا لتأثيره على تعزيز القدرات المعرفية والاجتماعية والعاطفية، فضلاً عن دوره في دعم المسار الدراسي للطفل من التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي.