تم أمس الثلاثاء بفاس، تسليط الضوء على الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية في مجال الاقتصاد الأزرق، وذلك خلال مائدة مستديرة نظمت في إطار ورشة حول “التواصل في خدمة الاقتصاد الأزرق المستدام والمندمج”، وعرفت مشاركة ممثلي عدة بلدان إفريقية.
وأبرز خبراء ومسؤولون مؤسساتيون خلال هذا اللقاء الذي انكب على “الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية للاقتصاد الأزرق”، مختلف البرامج والأنشطة التي تم إنجازها أو مباشرتها بالمغرب من أجل تطوير هذا الاقتصاد في مختلف المستويات الاقتصادية، والبيئية، وتلك المتعلقة بالبحث العلمي، في إطار مقاربة تشاركية تدمج عموم القطاعات والفاعلين المعنيين.
وأكد المتدخلون أهمية المقاربة الاستباقية التي اعتمدتها المملكة في هذا الشأن عبر التركيز أساسا على استراتيجية أليوتيس لتطوير قطاع الصيد، وتربية الأحياء المائية، إضافة إلى مبادرة الحزام الأزرق العالمية.
وأفاد عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد الرحيم القصيري، بأن المغرب يتوفر على 68 بالمئة من الفضاء البحري الذي يتم استغلاله دوما لفائدة الصيد والسياحة وفي النقل بنسبة أقل، مضيفا أن مستقبل المغرب سيكون على مستوى هذا الفضاء.
وأكد أن المغرب ينخرط في هذه المقاربة التي مؤداها “الفضاء البحري والقواعد الخلفية بمستطاعهما التقعيد لأنشطة متعددة، من حيث طبيعتها، متى تم تخطيطها وإدماجها على النحو الأمثل، حتى تفرز من ثمة عدة ثروات ومناصب شغل”.
وأوضح أن اللقاء يكتسي أهمية بالغة على اعتبار أن العالم وإفريقيا وباقي أرجاء المعمور، استوعبوا أن الاقتصاد الأزرق يعتبر وسيلة تنموية بالغة الأهمية، مما يوجب وضعها على رأس الأولويات وطنيا وإفريقيا.
واعتبر أن التحدي الرئيسي يكمن في القدرة على توطيد التقائية جهود المتدخلين في القطاع، مشيرا إلى أن المملكة تعتبر نموذجا في هذا الإطار، من خلال إرساء لجنة قيادة، كما أن اللجنة التقنية عقدت اجتماعها الأول خلال الشهر الجاري.
وأعرب عن أمله في أن تتعزز هذه الدينامية وتتوسع على اعتبار أن المغرب يختزن عدة إمكانات تعاون مع البلدان الإفريقية الشقيقة، مبرزا دور الإعلام في تحسيس مختلف الفاعلين بضرورة العمل سويا على الصعيدين الوطني والعالمي.
من جانبها، استعرضت منسقة برنامج تنمية الاقتصاد الأزرق بوزارة الاقتصاد والمالية، سهام فلاحي، البرنامج الذي تنفذه الوزارة، ومختلف آليات تمويل الاقتصاد الأزرق، مستشهدة في هذا السياق بالتدخلات وتمويلات الاستثمارات العمومية من خلال الميزانيات القطاعية.
وسلطت السيدة فلاحي الضوء على الدعم المقدم لتطوير آليات تمويل مبتكرة للاقتصاد الأزرق بالمملكة؛ بما في ذلك صندوق رأس المال الاستثماري للمقاولات الناشئة والشباب حاملي المشاريع الصغيرة والمتوسطة وصندوق التمويل المشترك، وهو ضمان جزئي للمقاولات الصغيرة والمتوسطة القائمة، مشيرة في الإطار نفسه إلى التعاون الدولي في هذا السياق (مبادرة Westmed، ومبادرة الشراكة الزرقاء المتوسطية التي تهدف إلى دعم التحول إلى اقتصاد أزرق مستدام في منطقة البحر الأبيض المتوسط).
من جهتها، قدمت المكلفة بالتواصل بالمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، رجاء بلفقيه، الخطوط العريضة لمبادرة الحزام الأزرق، التي أنشئت خلال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 22) بمراكش، مؤكدة أن المبادرة تشكل استمرارا لاستراتيجية “أليوتيس” المغربية بتوجه يرمي إلى تعزيز السياسات الوطنية والإقليمية.
وقالت إنها تهم بشكل خاص دعم البحث عن التمويلات أو المشاريع المبتكرة، مشيرة إلى أن هذه المبادرة تضم 31 دولة، بما في ذلك 22 دولة إفريقية.
وتهدف هذه الورشة المنظمة على مدى يومين من طرف المؤتمر الوزاري للتعاون في مجال الصيد البحري بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، التحسيس بأهمية دعم وسائل الإعلام في مجال الاقتصاد الأزرق، من خلال التواصل الفعال من أجل تحفيز التحول الأزرق، والمساهمة في تنسيق الجهود الإقليمية من أجل اقتصاد أزرق مستدام وشامل في إفريقيا، ونشر المعارف وتعزيز المبادرات المبتكرة على مستوى الدول الأعضاء في المؤتمر الوزاري .
ويجمع هذا اللقاء مشاركين يمثلون 17 بلدا عضوا في المؤتمر الوزاري للتعاون في مجال الصيد البحري بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي والمنظمات الإقليمية للصيد، ووسائل إعلام إفريقية متخصصة، وخبراء واستشاريين وطنيين يمثلون مؤسسات مختلفة وقطاعات حكومية ومراكز بحوث.
ويهدف اللقاء إلى أن يكون فضاء لتبادل المعارف والخبرات مع التركيز بشكل خاص على الدور الذي يمكن أن تؤديه مبادرة “الحزام الأزرق” كمنصة تشاركية وموحدة للجهود، والاستفادة بشكل خاص من المشاريع القائمة؛ كالمنصة التشاركية لهذه المبادرة ومرصد الصيد البحري المغربي.