تجديد المجلس العام للسلطة القضائية الإسبانية.. ما بين اللعبة السياسية والأجندة الانتخابية

ظل تجديد المجلس العام للسلطة القضائية في إسبانيا، من بين النقاط الرئيسية المعلقة على الأجندة السياسية لهذا البلد. فبعد أربع سنوات من الجمود السياسي، أصبح التحدي اليوم مزدوجا حيث يجب تعيين أعضاء جدد في المؤسسة القضائية، ولكن أيضا إدخال إصلاحات على نظامها من أجل حماية استقلاليتها واستعادة ثقة المواطنين.

وتم التوصل إلى اتفاق يوم 3 غشت 2018 بين حزب العمال الاشتراكي الإسباني والحزب الشعبي لتجديد المجلس. ومع ذلك، مرت أربع سنوات ولم يتغير شيء منذ ذلك الحين.

وحتى الآن، لا يزال المجلس القضائي مع نفس الأعضاء الذين تم تعيينهم خلال أول هيئة تشريعية لماريانو راخوي.

ويتهم الحزبان بعضهما البعض بعرقلة النظام القضائي، وهو وضع يعزى بحسب الخبراء إلى تصفية الحسابات والأجندة السياسية تحسبا لسنة انتخابية حاسمة.

وكان لهذا الجمود تأثير سلبي على صورة المؤسسة ووضع على طاولة المفاوضات التي عقدت طوال العام 2022 نقاشات حول إمكانية إصلاح نظام انتخاب الأعضاء.

وتدعو بعض الحلول للخروج من الجمود إلى إدخال نظام القرعة بين المرشحين الذين حصلوا على دعم كاف، أو نظام تقييم على أساس الجدارة. وكلاهما يقدم ميزة الاختيار غير المسيس للأعضاء، مع خطر أن يفقد المجلس القضائي تعدديته ويفتقر بذلك إلى الشرعية التي ت عزى عادة إلى العمليات الانتخابية.

علاوة على ذلك، لا يحل أي منهما المشكلة الأساسية، وهي إمكانية الوصول إلى طريق مسدود في عملية تجديد الأعضاء، ليس فقط بسبب النظام الانتخابي الحالي ولكن أيضا بسبب سوء استخدامه.

وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يدعون إلى الحفاظ على النموذج الحالي، بحجة أنه نظام أكثر ديموقراطية، إلا أن الصراعات الحزبية حول تعيين القضاة قوضت بشكل كبير ثقة الجمهور في المؤسسة وشرعيتها.

ومع ذلك، فإن النظام الذي يضطلع فيه القضاة بدور رائد في الانتخابات لا يكون بحد ذاته خاليا من المخاطر، لاسيما هيمنة جماعات المصلحة والروابط التي تجمع بعض الجمعيات القضائية بالأحزاب السياسية.

ويخشى أن تشغل مقاعد المجلس العام للسلطة القضائية، كما كان الحال في المجلس الأول، من قبل نفس الجمعية، مما سينتج عنه تشكيلة لا تعكس تنوع المجتمع الإسباني ولا السلطة القضائية نفسها.

وبالنسبة للهيئة الإدارية للقضاة، من الضروري ضمان توازن دقيق بين الاستقلالية والمسؤولية، وهو ما يعكسه النظام الانتخابي الأول المقترح للمجلس العام للسلطة القضائية. ومع ذلك، فلن يحل هذا الإصلاح لوحده جميع التحديات التي تواجهها المؤسسة.

وفي هذا السياق، اقترح خبراء القانون عددا من الإصلاحات الإضافية التي من شأنها معالجة بعض أوجه القصور المتعلقة بتكوين وتعيين أعضاء المجلس.

وعلى الرغم من هذا الوضع غير المستدام، والذي أجبر رئيس المجلس الحالي على تقديم استقالته، لا يزال يتمسك حزب العمال الاشتراكي الإسباني والحزب الشعبي بمواقفهما.

ومن أجل دعم تجديد المجلس، يتشبث الحزب الشعبي بمطلب “تعزيز عدم تسييس العدالة” ويؤكد على أهمية بروفايل المرشحين.

ويقول حزب المعارضة الرئيسي بأنه لن يتنازل عن الإصلاح التشريعي الذي ينتخب فيه القضاة، كما يطلب بذلك الاتحاد الأوروبي.

من جانبها، طلبت الحكومة من الحزب الشعبي “الالتزام بالقانون والدستور”، معتبرة أن اقتراح الحزب هو “محاولة لجعل المجتمع وجمعيات القضاة يعتقدون أن الحزب الشعبي يسعى فعلا إلى تجديد المجلس العام للسلطة القضائية”.

ولهذا السبب، طالبت الحكومة من رئيس الحزب الشعبي، ألبرتو نونيز فيجو، باحترام القانون فيما يتعلق بتجديد الهيئات القضائية لأنه “إما أنه يدعم سيادة القانون أو لا يحترم القانون والدستور”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.