جرى، أمس الأربعاء بمقر عمالة إقليم اليوسفية، تنظيم الملتقى الجهوي الأول حول الإعاقة والتربية على الصحة، تحت شعار “التنسيق والعمل التشاركي لتحسين جودة الخدمات”، بحضور عدد من المسؤولين والمنتخبين المحليين والفاعلين الجمعويين العاملين في هذا المجال.
ويندرج هذا الملتقى، الذي نظمته اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية باليوسفية، بشراكة مع المجلس الإقليمي والتعاون الوطني والجمعية الوطنية لسفراء التربية الخاصة، في إطار تخليد اليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة.
وشكلت هذه التظاهرة فرصة لتسليط الضوء على الخطوات المهمة التي تم إنجازها في مجال مكافحة الإعاقة على المستويين الوطني والجهوي، وكذا جميع التدابير الملموسة المتخذة في هذا الصدد، من أجل مساعدة هذه الفئة الاجتماعية وتسهيل اندماجها الاجتماعي والاقتصادي والمهني.
كما تم، بهذه المناسبة، التذكير بضرورة زيادة التحسيس بأهمية وضرورة العمل من أجل حماية وتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، من خلال ضمان شروط العيش الكريم لهذه الفئة ومساعدتها على المساهمة في جهود التنمية في المملكة.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى بعرض شريط فيديو حول أهمية المشاريع المنجزة لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة بإقليم اليوسفية.
وقال عامل الإقليم، محمد سالم الصبتي، في كلمة بالمناسبة، إن هذا اللقاء يعد فرصة للتذكير بالعناية الكريمة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس لهذه الفئة، من خلال توجيهاته السامية الهادفة إلى صيانة حقوقها وإدماجها الاجتماعي والمهني.
وأضاف أن “هذا الملتقى يشكل مناسبة للتأكيد على إرادة وحرص الحكومة على تمتيع هذه الفئة بحقوقها، ومساعدتها ودعم أسرها وأقاربها”، مذكرا بأن قضية الإعاقة حظيت باهتمام بالغ في دستور 2011، بالإضافة إلى مصادقة المملكة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والبروتوكول الاختياري الملحق بها في 08 ماي 2009.
وأبرز الصبتي حزمة الإصلاحات ذات البعد المهيكل والشامل، التي تم تنفيذها، ومن بينها اعتماد مخطط عمل تنفيذي للسياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة سنة 2017، وإقرار وأجرأة مجموعة من الخدمات الموجهة لهذه الفئة في إطار صندوق دعم التماسك الاجتماعي، علاوة على إرساء ترسانة قانونية ومجموعة من البرامج والأوراش التي تهدف إلى حماية حقوق هذه الفئة والنهوض بها.
وذك ر، في هذا السياق، بالعديد من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وخصوصا البرنامج الثاني المتعلق بمواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة وبرامج دعم الأشخاص في وضعية إعاقة ضمن خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي، الذي انطلق منذ سنة 2015 والبرنامج الوطني للتربية الدامجة.
وتابع أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أولت أهمية كبرى للأشخاص في وضعية هشاشة منذ إطلاقها في سنة 2005 على مستوى الإقليم، حيث قامت من خلال برنامجها الهادف إلى محاربة الهشاشة، بالتكفل بالأشخاص المستفيدين داخل مراكز متخصصة كمراكز استقبال الأطفال المتخلى عنهم وذوي الاحتياجات الخاصة، لافتا إلى أنه في إطار المرحلة الثالثة، تسعى المبادرة إلى الرفع من جودة الخدمات المقدمة بهذه المراكز.
وسجل أن عمالة إقليم اليوسفية انخرطت بقوة في تطوير وتجويد الخدمات المقدمة للفئات في وضعية إعاقة، وهو الورش الذي عرف قفزة نوعية من خلال المشاريع المسطرة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وأشار إلى أن الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية إعاقة، يعتبر عملا أفقيا يمس كل السياسات العمومية ومختلف المخططات المجالية، مضيفا أن هذا الأمر يتطلب تكاتف وتضافر جهود جميع القطاعات والفعاليات الحكومية وغيرها، للتنسيق والتعاون والعمل المشترك في إطار الالتقائية والتكامل والانسجام.
من جانبه، أشاد المنسق الجهوي للتعاون الوطني، محمد زاهير، بأهمية هذا الملتقى الذي يهدف إلى تسليط الضوء على مختلف الأنشطة التي تم إنجازها على الصعيد الجهوي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرا إلى أن هذا النوع من المبادرات يندرج في إطار العناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الفئة الاجتماعية.
وأضاف أن هذه المبادرة تنسجم مع أهمية وغنى الترسانة القانونية التي اعتمدتها المملكة لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وتحسين ظروفهم المعيشية، مبرزا أن هذا الاجتماع يتيح الفرصة لتعزيز الوعي الجماعي بشأن حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.
وخلص إلى أنه “من الضروري العمل جنبا إلى جنب من أجل إرساء أسس تنسيق حقيقي بين أنشطة مختلف المتدخلين في هذا المجال من أجل تمكين الأشخاص في وضعية إعاقة من الاستفادة من خدمات القرب وبجودة عالية”.
وفي عرض حول دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الارتقاء بالمؤسسات والمراكز العاملة في مجال الإعاقة، أشار رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة اليوسفية، إبراهيم إدو، إلى أن عدد المراكز المتخصصة التي تقدم الدعم والمواكبة لهذه الفئة الاجتماعية ارتفع من مركز واحد في سنة 2017 ليصل إلى سبعة مراكز في 2022، في حين ارتفع عدد المستفيدين من 98 في سنة 2017 إلى 1137 حاليا، وهو رقم يرجح أن يزيد بعد افتتاح المركب الاجتماعي متعدد الاختصاصات للأشخاص في وضعية هشاشة بمدينة الشماعية.
وأضاف أن عدد المستخدمين والأطر شبه الطبية ارتفع من 21 في سنة 2017 إلى 130 في 2022، مشيرا إلى أن الاهتمام بتحسين الظروف المعيشية لهذه الفئة الاجتماعية قد تجلى أيضا من خلال الميزانية المخصصة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لبناء وتحديث وتجهيز وتدبير هذه المراكز والتي بلغت 13 مليون و206 ألف و836 درهم لعمليات البناء والتأهيل، و4 ملايين و304 آلاف و459 درهم لتجهيز واقتناء سيارات للنقل، بالإضافة إلى مبلغ سنوي قدره مليون و350 ألف درهم مخصص لدعم تدبير هذه البنيات.
واستعرض سلسلة من الإجراءات التي أنجزتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خاصة ما يتعلق بالتمكين الاقتصادي للأشخاص في وضعية هشاشة، بتعبئة اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية باليوسفية، لغلاف مالي بقيمة مليون و230 ألف درهم لتمويل سبعة مشاريع، من أجل تمكين حوالي 75 مستفيدا من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من ممارسة أنشطة مدرة للدخل.
وتابع الحضور عرضا شاملا حول دور صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي في تحسين ظروف الأشخاص في وضعية إعاقة، قدمته رئيسة مصلحة الهندسة الاجتماعية بمؤسسة التعاون الوطني بجهة مراكش – آسفي.
من جهته، قدم المدير الإقليمي للتربية الوطنية، يوسف آيت حدوش، عرضا حول برنامج التربية الدامجة ودور قاعات الموارد للتأهيل والدعم في تعزيز الحق في التربية والتعليم الدامج للأشخاص في وضعية إعاقة.
وأبرز، من خلال الأرقام، الجهود التي تبذلها الوزارة على المستوى الإقليمي، في إطار شراكات مع فاعلين آخرين من أجل تقديم المساعدة لهذه الفئة الاجتماعية ذات الاحتياجات الخاصة.
وتم، بالمناسبة، توزيع شيكات على الأشخاص في وضعية إعاقة المستفيدين من المشاريع المدرة للدخل في إطار صندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي على مستوى الإقليم.
وعلى هامش هذا الملتقى، قام عامل الإقليم والوفد الرسمي المرافق له بجولة شملت مدرسة “موسى بن نصير” ومدرسة “راية” المختلطة ومدرسة “طه حسين”، حيث زار عدة فصول مرجعية لتأهيل ودعم الأطفال في وضعية إعاقة.
ويشمل برنامج هذا الملتقى ورشتين، الأولى بعنوان “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الشراكات ونجاعة الخدمات المقدمة للأشخاص في وضعية إعاقة”، والثانية تهم “دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة”.