أكد منظمو المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، خلال انعقاد الندوة الصحفية المعلنة عن فعاليات دورته ال 35 يوم 13 يوليوز الجاري بالعاصمة الاقتصادية، أن هذا المهرجان يرسخ مساره وتجربته وإضافته النوعية في الشكل والمضمون.
وذكر بلاغ للمنظمين، أن الأمر يتعلق بانفتاح الجهة المنظمة ( كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء)، على محيطها وباقي فضاءات مدينة الدار البيضاء.
وخلال هذه الندوة بسطت مكونات اللجنة المنظمة، برئاسة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية رئيس المهرجان الأستاذ رشيد الحضري، البرنامج العام للمهرجان، الذي سينطلق من يوم 24 إلى 29 يوليوز 2023، عبر مسارح الدارالبيضاء، بدءا من حفل الافتتاح يوم 24 يوليوز 2023 في الساعة 6 مساء، بالمركب الثقافي مولاي رشيد، ثم البرمجة النوعية للعروض المسرحية والتكريمات والمحترفات التكوينية والندوة المحورية التي ستتدارس شعار الدورة 35: “المسرح والعوالم الافتراضية”.
وحسب البلاغ، تميزت الندوة بحضور هام لمكونات الجسم الإعلامي والصحفي بوسائطه الأربع، وخرجت تداولات الندوة من نوعية الأسئلة التقليدية المجترة إلى التفكير بصوت مرتفع في فلسفة المهرجان وأبعاده الفرجوية والعلمية والتكوينية والتواصلية التي ترفع من شأن المهرجان الذي يعد مكسبا للجامعة المغربية وللكلية ومدينة الدار البيضاء وللمغرب.
الحفاظ على الجوانب العلمي والفكري والفرجوية
تأتي الدورة الجديدة والمتجددة بحدثين بارزين الأول مواصلة الفعل والتفاعل لتأكيد الاستمرارية لمسرح له خصوصية الارتباط بالجامعة، وهو بذلك يحافظ على الجانب العلمي والفكري في البرمجة كما يراهن على الفرجة في فضاءات مسارح البيضاء.
وبموازاة ذلك يحضر الاحتفاء بكل التجارب والحساسيات الفنية من داخل المغرب وخارجه والانفتاح على المسرح المغربي بحكم الموطن ومشاركة الفرق الجامعية المغربية واستضافة عروض احترافية ومشاركة فعاليات مغربية في لجن التحكيم والالتفات إلى خبرات وتجارب مغربية لتكريمها وتقديم التحية لنضالها ومنجزها الفني والثقافي أوالعلمي، وتأكيد ذلك يتم بحضور وازن للقارة الإفريقية والمسرح الإفريقي.
وإلى جانب الاحتفاء بالمسرح المغربي والإفريقي يحضر المسرح العربي؛ إذ شاركت وتشارك في كل الدورات فرق جامعية وفعاليات عربية.. وفي هذا الإطار احتفت الكلية في مطلع هذه السنة بصاحب كلمة اليوم العربي للمسرح المبدع العربي العراقي الكبير جواد الأسدي، وذلك بتنسيق مع الهيئة العربية للمسرح بمناسبة تنظيم الدورة 13 لمهرجان المسرح العربي بالدار البيضاء.
ولأن مهرجان المسرح الجامعي دولي، الأمر الذي يؤكده الحضور الوازن خلال جل دورات المهرجان للفعاليات والفرق المسرحية الجامعية من المعمور ممثلة للقارات الخمس التي حضرت خلال سيرة هذا المهرجان، فقد جرى استحضار تصريح المبدع والمخرج الإيطالي الكبير فابيو، الذي قدم شهادة في حق المهرجان في قوله ” علينا نحن الأوروبيين والعالم أن نعترف أن الدار البيضاء عاصمة المسرح الجامعي”.
التطوير والاستمرارية والتجدد
هذا على مستوى الحدث الأول الذي أصبح لقاء سنويا يتجدد فيه التواصل مع المسرح الجامعي، أما الحدث الثاني فهو مركزي هام وله خصوصية التناسب مع الدورة 35 للمهرجان، كما له خاصية سيرورة كونه يحقق إكسير حياة هذا المهرجان، والمتمثل في تعاقب رؤساء هذا المهرجان وهم عمداء الكلية، وبذلك نصل إلى العميد السادس السيد رشيد الحضري الذي تم تعيينه خلال شهرين من الزمن في مهمة العمادة، وهو بالمناسبة من فعاليات المهرجان والمواكب لتجاربه من موقع علمي وإداري وتنظيمي سابق خلال العقدين الأخيرين والآن يدشن مسؤوليته الإدارية المباشرة رفقة مكونات جديدة نيابية لمهام العميد التي أسندت لأطر لها التجربة والقدرة والفعالية.
وبمناسبة الندوة قدم العميد رؤية تدشن لمرحلة سمتها التطوير والاستمرارية اختزلها في النقط التالية: مطلب الجودة الفنية النوعية؛ وحكامة تدبيرية وتسييرية جيدة وشفافة؛ وشراكة منتجة، وفعالية تنظيمية؛ والانفتاح على كل التجارب والحساسيات ورواد المسرح الجامعي وكل من يساهم في استمراريته من التأسيس إلى الآن.
وحسب المنظمين، تعتبر كلمة العميد عقدا جديدا ومتجددا للمسرح الجامعي ولفلسفته وآفاقه، والذي يعلن ميلادا جديدا متجددا ؛ ” إذ حينما نتحفل بعيد الميلاد فإننا نقدم تقييما لعمر وعد مضى ونتطلع لعمر وعد قادم “.
ومما جاء في كلمة السيد الحضري، أن المهرجان ، الذي تنظمه الكلية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يضمن استمراري ت ه ورياد ت ه . و” لعل قراءة أولي ة لهذا المسار ت فيد الاستمرارية والمثابرة والإصرار، ولكنها ت فيد ، بشكل دقيق ، النجاح المتواصل لهذا الحدث الثقافي والفني العالمي .
وتابع أن ” أي مهرجان محلي أو عالمي لا يستطيع أن يضمن نجاح دوراته واستمرار ها يفقد مصداقيت ه ومشروعيت ه الثقافي ة والفني ة ، لكن هذا المهرجان ليس من طينة هذه المهرجانات المترددة في اختياراتها الثقافية والفنية والجمالية، بل على نقيض ذلك، لم يخطئ مهرجاننا الموعد ، منذ نشأته، ليس، فقط، على مستوى استمرارية دوراته، بشكل متواصل ، ولكن على مستوى الجودة الفني ة والتنظيمي ة والتدبيري ة ، متجاوزا كل العقبات التي يمكنها أن تحد من أفق ه العلمي الجاد وإشعاع ه الفني والثقافي والإنساني العالمي الملتزم “.
وأضاف، لقد شكلت فترة جائحة كوفيد 19 دليلا واضحا على هذا المسار الناجح في المحافظة على مكتسبات المهرجان، والسعي إلى بناء آفاق جديدة للممارسة المسرحي ة الجامعي ة .. لقد مكنتنا الجائحة ، رغم قسوتها الإنسانية ، من استثمار إمكانات جديدة في تجربة المسرح الجامعي ، ومن اختبار قدرته على مقاومة الطوارئ بمختلف تجلياتها الصحية والمادية والعلمية والإنسانية؛ إذ استطعنا تحقيق انتقال سلس من تنظيم مهرجان مباشر إلى تنظيم مهرجان افتراضي يستند إلى مختلف الوسائط الرقمية الممكنة لتحقيق المتعة والفائدة المسرحية.
وحسب العميد، ظلت الجامعة تشجع هذا المهرجان إيمانا منها بأدواره الطلائعية في تناغم وتوافق مع المهام البيداغوجية والعلمية والثقافية، ومع مشاريع الانفتاح والتواصل والحوار بين الجامعة ومختلف المؤسسات من مختلف بقاع العالم.
وقال ” لقد قررنا في هذه الدورة أن تنصب انشغالات نا الثقافية والفنية والعلمية حول التفكير في الموجات والتجارب الجديدة للمسرح، وفي علاقاتها المتنوعة بالعوالم الافتراضية، وبذلك وقع الاختيار على موضوع (المسرح والعوالم الافتراضية)”.
ووفق هذا التصو ر ، يضيف، افترضنا بعض التدليلات الأساسية، ومنها أن العالم الافتراضي عالم اصطناعي ، قد خلقته المنظومة المعلوماتية الدقيقة الص ن ع ، والتي يمكنها إيواء مجموعة من المتدخلين الذين يمكنهم التفاعل والتجاوب بسرعة وفاعلية.. ومن ناحية أخرى، فإن العالم الافتراضي فضاء رقمي يتفاعل داخله متدخلون متنوعون، وهم يستكشفون بيئات رقمية، ويساهمون في أنشطة مختلفة، مثل اللعب، والتجارة، والتواصل، والتربية، والفن والترفيه بمختلف مستوياته.
وأشار إلى أن الحقيقة الافتراضي ة بإمكانها أن تضمن معايشة تجربة غامرة ومدهشة ، وأن تمكن من القيام بأنشطة حسية وإنجاز مهام قيادية في عالم اصطناعي.. لذا، فإن الأسئلة التي يجب أن نطرحها في سياق هذه الدورة تتأطر وفق ما يلي:
هل يشكل الذكاء الاصطناعي خطر ا على المسرح والممارسة المسرحية أم بإمكانه أن يشكل عامل تطوير لهذه الممارسة وتنمية لها؟ وفق أي مقياس يمكن للمقاربة الافتراضية أن تمارس فعليا في المسرح بمعناه الكلاسيكي المتعارف عليه؟ هل يمكن للمسرح أن يسمح لنفسه بالخضوع لهذا النمط من المقاربة؟ هل يمكن للمسرح الحي والمباشر الفعلي أن ي د م ج في عناصره ومنظومته التكنولوجيات المهيمنة راهنا ؟ ألسنا أمام ميلاد نمط جديد من المسرح الذي لا يمكنه إقصاء الآخر؟
ثم إن افترضنا قدرة المسرح على إدماج التكنولوجية الجديدة، فما مصير أنماط المسرح السابق؟ هل سيتقلص المسرح ويعيد تشكيل هويته الفنية والجمالية من جديد ؟ هل سنجد أنفسنا أمام مسرح هجين يتقاطع فيه المسرح الحي بالمسرح الافتراضي ؟ وإن كان الأمر كذلك، فكيف ستكون التجربة الفنية الجمالية المسرحية في المستقبل؟
هذه بعض الأسئلة التي يمكن أن نطرحها في مختلف أنشطة هذه الدورة عروضا وورشات نكوينية ولقاءات فكرية ، وهي الأسئلة التي ستظل مفتوحة دون توجيه أو تحديد مسبق لأحكام تام ة ونهائي ة بصددها، كما جاء على لسان العميد.
أسئلة مفتوحة على النقاش والحوار وتبادل وجهات النظر بين كافة المهرجانيات والمهرجانيين ، وعموم المهتمين بالمسرح الجامعي .
ولفت البلاغ إلى أن هذه الأسئلة، التي لها حلم الآتي، تؤكد أننا أمام استمرارية تشاركية وتفاعلية لمهرجان رسخ مساره وتجربته وإضافته النوعية في الشكل والمضمون وهو يمضي في رسالته ويؤسس لغد آخر يتطلع للاحتفاء بأربعة عقود حينما يصل المهرجان لأربعين سنة ويبلغ أشده.
وخلص إلى أن المهرجان، ورغم عمره الإبداعي والجمالي والتواصلي الذي قطع أطورا تأصيلية وواكب تحولات، يحافظ دوما على شبابيته من خلال المجالية التي تتعاقب عليه والمتمثلة في طلبة الجامعات عبر العالم والذين يعدون العروض المسرحية للمشاركة المهرجانية ويسلمون المشعل للأجيال المتعاقبة ويشكلون لجن التنظيم لهذا الحدث مما يؤكد الشعار التأسيسي للمهرجان “حوار الثقافات وتلاقح شبيبة العالم”؛ لذا نعتبر المهرجان مؤتمرا فنيا وثقافيا فوق العادة يرسخ الديبلوماسية الثقافية الموازية.