تتسم الأجواء الليلية في شهر رمضان الكريم بمراكش بطابع خاص حيث يفضل غالبية المراكشيين الترويح عن النفس خارج جدران المنازل فيقصدون المقاهي المنتشرة في كل أنحاء المدينة التي يجدون فيها ضالتهم.
وتعتبر المقاهي على اختلاف أنواعها ومستوياتها، ملاذا حيويا، ومتنفسا يلجأ إليه غالبية المواطنين بعد وجبة الإفطار، وتصل ذروتها بعد أداء صلاة العشاء والتراويح، حيث يزداد الإقبال عليها بتوافد الأشخاص فرادى أو في جماعات لتضفي هذه الفضاءات إلى جانب المساحات الخضراء المتواجدة بالمدينة الحمراء والتي تغص بدورها بالمتنزهين، سحرا وجمالية على السمر الليلي برمضان.
وتتحول المقاهي خلال هذا الشهر الفضيل إلى مجالس يغتنمها روادها لتجاذب أطراف الحديث ولقراءة الكتب والمجلات، وممارسة بعض الألعاب، أو مناقشة بعض القضايا التي تهم المجتمع وغيرها من المواضيع الثقافية والفكرية، فتصبح كخلية نحل من كثرة توافد الزبناء الباحثين عن فسحة لتغيير الأجواء الروتينية للعمل داخل المؤسسات والمنازل خلال النهار، حتى إن بعضا منها تكون مكتظة ويصعب وجود ممرات بداخلها.
فالمقاهي بمدينة مراكش وغيرها من مدن المملكة، تجسد في هذا الشهر أماكن تحمل في طياتها الكثير من الرمزية الأسرية، والاجتماعية والثقافية. كما أن طبيعة الجو تزيد من درجة اكتظاظها خصوصا كلما كان الجو معتدلا أو حارا، بحيث يتكاثر الرواد على الجلوس داخل وخارج المقاهي التي تصبح أكثر شعبية ومحجا للمئات من المواطنين الذين يقضون لحظات مغايرة للأجواء التي تعيشها المقاهي في الأيام العادية.
وأبرز الكاتب العام لجمعية أرباب مقاهي ومطاعم مراكش، علي أبريل، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المقاهي بالمدينة الحمراء تكتسي طابعا خاصا خلال ليالي رمضان؛ فهي تستقبل أعدادا كبيرة بالرغم من ساعات العمل القليلة على خلاف الأيام العادية.
وأشار إلى أن مدينة مراكش التاريخية والوجهة السياحية الأولى بالمملكة والتي يطبعها سحر خاص طيلة ليالي رمضان، تتميز بنوعين من المقاهي، فهناك المقاهي العصرية التي تتواجد خارج السور التاريخي للمدينة والتي تعرف اكتظاظا من طرف المواطنين منذ وقت الإفطار إلى ساعة متأخرة من الليل، ثم المقاهي التقليدية بالمدينة العتيقة والتي تشهد بدورها إقبالا كبيرا خاصة من طرف السياح الأجانب، الذين يستمتعون بدورهم بالأجواء الليلية الرمضانية، وينعشون الحركة الاقتصادية لهذه المقاهي.
ولفت إلى أن الأسبوع الأول من الشهر الفضيل والذي تزامن مع العطلة المدرسية، شهد توافد عدد كبير من المغاربة والسياح من جنسيات مختلفة، مما أضفى لمسة إضافية على الأجواء التي تعيشها هذه الفضاءات ليلا.
من جهته، يقول عمر عمي، مسير إحدى المقاهي المصنفة بمراكش، إن الأجواء التي تسود بالمقاهي خلال ليالي شهر رمضان تكون مغايرة لما هو عليه الحال في الأيام العادية؛ ذلك أنها تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزبناء، كما هو الحال بالنسبة للمقهى التي يسيرها والتي تتوفر على عدة فروع بالمدينة الحمراء، حيث تبدأ مع اقتراب أذان المغرب في استقبال العديد من العائلات التي ترغب في تناول وجبة الإفطار خارج البيت.
وأكد في تصريح مماثل، على الحرص على توفير كل الظروف الملائمة للوافدين من أجل قضاء أوقات ليلية ممتعة داخل هذه المقهى والتي تتميز بطابع عائلي حيث تقصدها العديد من الأسر الراغبة في الاستمتاع بلحظات تناول الإفطار في المقهى لتغيير الأجواء الروتينية داخل المنازل وفي العمل خلال النهار.
واعتبر أن المقاهي تعد المتنفس الوحيد أمام العديد من الأشخاص بعد أداء صلاة التراويح، مما يفسر الإقبال الكبير الذي تشهده، لتشكل فضاء رحبا للقاء بين الأصدقاء في سمر ليلي رمضاني قد يمتد لساعات.
وتبقى المقاهي بمختلف درجات تصنيفها من الأماكن الأكثر استقطابا للزوار في ليالي شهر رمضان، مما يدفع مسيريها إلى الحرص على تهيئتها وتحسين خدماتها تلبية لاحتياجات الزبناء من أفراد وعائلات في قضاء لحظات ممتعة تروح عن النفس وتكسر تعب النهار.