المعهد الموسيقي بالبيضاء..معلمة ساهمت على مر العقود في صياغة التاريخ الفني بالمغرب

إعداد: ربيعة صلحان (ومع)

على مر عقود من الزمن، شكل المعهد الموسيقي بالدار البيضاء، معلمة ثقافية متفردة، تحمل بين أسوارها حكايات تؤرخ لقصص نجاح متعددة، لمواهب شابة بالأمس أضحت اليوم أسماء لامعة في مجالات الموسيقى والمسرح بالمغرب والخارج.

حسن الفد، عبد الرحيم المنياري، الحبشي ميلود، الحسين بنياز، وغيرهم كثير من الفنانين الذين تخرجوا من معهد الدار البيضاء، فهذه المؤسسة التي تشكل إرثا فنيا قيما بالعاصمة الاقتصادية، أثرت الساحة الفنية المغربية وما تزال، بفنانين كبار من خلال تقديم برنامج تكويني ذي جودة، يسهر عليه نخبة من الأساتذة الأكفاء.

وبالإضافة إلى قيمته الفنية، يعد المعهد الذي يتواجد بقلب الدار البيضاء، معلمة ثقافية تاريخية، تم تأسيسه سنة 1917، مما يجعله أحد أقدم المعاهد الموسيقية الموجودة بإفريقيا، والأهم بالعاصمة الاقتصادية للمملكة.

ويتميز هذا المعهد عن غيره من المعاهد الفنية بالمدينة، بكونه يقدم دروسا في جميع المواد الأكاديمية (الصولفيج، عزف على الآلة، البيانو، آلات النفخ، وغيرها)، بالإضافة إلى المسرح باللغتين العربية والفرنسية، ومادة الإلقاء، والرقص الكلاسيكي، والرقص الإيقاعي، والغناء الكلاسيكي، والموشحات العربية، والطرب الأندلسي.

وعن القيمة التاريخية لهذه المؤسسة الثقافية العريقة، أكد المدير المنسق العام للمعاهد الموسيقية بالدار البيضاء بن أحود عبد اللطيف، أن المعهد يعد مفخرة للمغرب على العموم، ومدينة الدار البيضاء خاصة، لقيمته التاريخية والفنية الكبيرة، باعتباره من أقدم المعاهد الموسيقية بالقارة الإفريقية، بالإضافة إلى كونه ساهم في صياغة التاريخ الفني بالمدينة من خلال تكوين جملة من الفنانين في المجال الموسيقي والمسرحي على مر السنين.

ورغم اقتناء العديد من الآلات الموسيقية الجديدة والمعاصرة، يضيف بن أحود في تصريح لقناة (M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، ما يزال المعهد يتوفر على بعض الآلات القديمة القيمة والتي أضحت موروثا فنيا يتفرد ويفتخر المعهد بالحفاظ عليها.

وأضاف أن المعهد يتميز بتوفير دروس في الموسيقى والغناء، والمسرح والرقص، كما يوفر دروسا في مختلف المواد الأكاديمية التي تشمل الصولفيج وجميع الآلات منها البيانو، الفيولون، والآلات النحاسية، والآلات الخشبية، والآلات الإيقاعية.

كما يتميز بتقديم دروس لمختلف الأعمار، حيث أشار بن أحود في هذا الخصوص إلى توفر أقسام للأطفال من 6 إلى 13 سنة، وأقسام خاصة بالمراهقين من 13 إلى 17 سنة، وأقسام للشباب وأقسام الكبار وأقسام الكهول، حيث إن المعهد يستقبل طلابا يتجاوزون 70 سنة.

وأبرز أن المعهد الذي يضم 32 فصلا موزعة على ثلاثة طوابق، يتوفر على قسم الصولفيج، وأقسام الآلات، وقاعتين للرقص الكلاسيكي، وقاعتين للمسرح، وقاعة الغناء الكلاسيكي، يستفيد منها كل سنة مئات الطلاب الشغوفين.

وأشار إلى أن عدد المسجلين في المعهد إلى غاية متم شهر شتنبر 2022 بلغ حوالي 945 طالبا، مقابل حوالي 1900 طالب خلال السنة الماضية، مسجلا أن عدد الطلاب قبل الجائحة كان يتجاوز 4500 طالب.

وعزا بن أحود التراجع في عدد الطلاب المسجلين إلى توزعهم على مختلف المعاهد الـ 16 المتواجدة في مختلف المقاطعات بالمدينة، مسجلا بإيجابية عمل المسؤولين في المدينة على تقريب بشكل أكبر هذه المعاهد من الشباب والأطفال.

هكذا، وعلى امتداد عقود من الزمن، شكل المعهد قبلة للبيضاويين وغيرهم من مختلف الأعمار والمشارب، المتعطشين لصقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم الفنية، ليصبح المعهد مشتلا خصبا للمواهب بالمدينة، ومطعما للمشهد الثقافي المحلي والوطني والدولي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.