قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط، صباح اليوم الإثنين، بإدانة الصحافي حميد المهداوي، مدير نشر موقع “بديل”، بسنة ونصف حبسا نافذا، على خلفية الدعوى التي رفعها ضده وزير العدل عبد اللطيف وهبي، كما تضمن الحكم تغريمه بمبلغ 150 مليون سنتيم لصالح المطالب بالحق المدني.
ويأتي هذا الحكم في إطار متابعة قضائية بدأت منذ فترة، حيث اتهم وزير العدل الصحافي المهداوي بـ”بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة” بهدف التشهير بالأشخاص، والسب العلني، وهو ما يندرج تحت طائلة القوانين الجنائية المتعلقة بالقذف والتهجم على الشخصيات العامة.
تفاصيل القضية وتطوراتها
وكانت القضية قد بدأت حينما تقدم عبد اللطيف وهبي، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، بشكوى ضد الصحافي المهداوي بتهمة التشهير والسب العلني في إطار مقاطع فيديو نشرها الأخير عبر قناته على موقع “يوتيوب”، واعتبر وهبي أن هذه الادعاءات أساءت إلى سمعته الشخصية ودفعت إلى تشويه صورته العامة.
وفي آخر جلسة من جلسات المحاكمة، طلب دفاع وزير العدل من المحكمة فرض أقصى العقوبات على الصحافي المهداوي، مشددا على ضرورة تعويضه بمبلغ يصل إلى عشرة ملايين درهم (ما يعادل مليار سنتيم)، كما طالب محامو الوزير بإجراء افتحاص مالي لمداخيل قناة المهداوي على يوتيوب، مع تحويل تلك المداخيل إلى مؤسسات خيرية بناءً على أمر قضائي.
ورغم دفاع المهداوي عن نفسه أمام المحكمة، إلا أن الحكم جاء بالإدانة، ليعكس تصاعد التوترات بين وسائل الإعلام المستقلة والسلطات المغربية، خصوصا في ظل ما يعتبره البعض قيدا على حرية الصحافة والتعبير.
ردود فعل مختلفة
هذا الحكم أثار ردود فعل متنوعة داخل الوسط الإعلامي والمجتمع المدني، حيث انتقدت بعض المنظمات الحقوقية هذا القرار، معتبرة إياه استهدافًا للصحافة الحرة في المغرب، وتعتبر هذه المنظمات أن محاكمة الصحافيين بسبب نشر معلومات قد تؤدي إلى تقييد الحريات العامة وتشويه صورة الصحافة المستقلة في البلاد.
في المقابل، دافع مؤيدو الوزير وهبي عن الحكم باعتباره خطوة ضرورية لحماية سمعة الشخصيات العامة من حملات التشهير التي قد تؤثر سلبًا على حياتهم السياسية والشخصية.
كما اعتبر البعض أن هذه القضية تأتي في سياق مكافحة الأخبار الكاذبة والإشاعات التي قد تهدد استقرار المجتمع.
السياق السياسي والإعلامي
تتزامن هذه القضية مع أجواء سياسية وإعلامية حساسة في المغرب، حيث تواصل الحكومة فرض رقابة على بعض وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، في وقت يشهد فيه النقاش العام عن الحريات الصحافية توترا بين السلطات والصحافيين المستقلين.
ويرى البعض أن مثل هذه الأحكام تساهم في تأجيج المخاوف بشأن تراجع حرية التعبير في المغرب، بينما يرى آخرون أن مكافحة الأخبار الكاذبة ضرورة لحماية النسيج الاجتماعي والسياسي.
ويستمر الجدل حول حدود حرية الإعلام في المغرب في ظل توترات مماثلة بين الصحافيين وبعض الشخصيات العامة والسياسيين، مما يجعل القضايا القانونية المتعلقة بالصحافة في المغرب محط اهتمام واسع سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
مع صدور الحكم بإدانة الصحافي حميد المهداوي، يظل ملف حرية الصحافة والتعبير في المغرب موضوعا مثيرا للجدل، بين من يراه ضروريا لحماية الأفراد والمؤسسات من التشهير، ومن يعتبره قيدا على حرية الصحافة، تظل الرؤية العامة لهذا الملف ضبابية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تراجع حقوق الصحافيين في البلاد.