دعا الفاعل الحقوقي محمد الغلوسي السلطة القضائية لوقف نزيف هدر المال العام وتحريك المتابعات القضائية ضد المتورطين في تبديد أموال الانتخابات في غير محلها.
واعتبر الغلوسي الخروقات التي كشفها المجلس الأعلى للحسابات هي ممارسات منافية للقانون والقواعد الأخلاقية، مؤكدا أن تخليق الحياة السياسية يفرض على الأحزاب أن تشكل قدوة في الخضوع للقانون وأن تكون هي أول من يسارع إلى استنكار أي شكل من أشكال الفساد وهدر المال العام “لا أن يبحث بعضها فقط عن طرق للإستحواذ على المال العام والإختفاء بعد ذلك من المشهد في انتظار انتخابات أخرى تمكنها من الحصول على الغنيمة وفي سلوكها هذا لا تختلف عن أسلوب “الشناقة ” في الأسواق”.
وأبرز الغلوسي أن المجلس الأعلى للحسابات بناء على الفصل 147 من الدستور وإستنادا إلى مقتضيات المادتين 44 و 45 من القانون رقم 11-29 الخاص بالأحزاب السياسية أجرى تدقيق وإفتحاص لمالية الأحزاب السياسية وخاصة في الجانب المتعلق بالدعم العمومي الممنوح لهذه الأخيرة، مشيرا إلى أن تقارير هذا الأخير كشفت أن مجموع الدعم المخصص للأحزاب ومختلف الهيئات يقدر ب35,6 مليار سنتيم.
“وقد حاز حزب التجمع الوطني للأحرار على الربع، أي ما يناهز 9,2 مليار سنتيم ،وهو مايطرح ضرورة اعادة النظر في المعايير المعتمدة لتوزيع هذا الدعم خاصة وأن معيار عدد مقاعد الحزب ومجموع الأصوات المحصل عليها كأساس لمنح هذه الدعم ليس معيارا موضوعيا ومنصفا ،ذلك ان هناك أحزاب يخفت دورها بشكل ملحوظ بمجرد مرور الإنتخابات في حين هناك احزاب اخرى تقوم بأدوارها طيلة السنة ورغم ذلك فإنها تحصل على دعم متواضع جدا”، وفق ذات المتحدث.
وأشار الغلوسي إلى أن ستة أحزاب سياسية فقط هي التي فتحت حسابا بنكيا خاص بموارد ونفقات اقتراع 8 شتنبر وهو مايشكل مخالفة واضحة للمادة 43 من قانون الأحزاب السياسية اعلاه، فضلا عن وجود أحزاب وهيئات لم تقم بإرجاع المبالغ التي لم تصرف في الإنتخابات إلى خزينة الدولة.
وأثار الغلوسي الانتباه إلى أن بعض الأحزاب منحت مبالغ مالية لبعض المرشحين الذين لم يترشحوا باسمها، “بل إن البعض لم يترشح أصلا وصرف تلك المبالغ خارج ما أعدت له في تعارض مع المادة 43 من ذات القانون ،ولجأت بعض الأحزاب الى تكوين لوائح انتخابية موازية في الإنتخابات الخاصة بالجماعات الترابية بهدف التحكم في تشكيلة هذه المجالس والمساومة بها لحظة تشكيل مكاتبها وهو شكل من أشكال الفساد السياسي”.
كما أشار الغلوسي إلى أن بعض الأحزاب والهيئات قدمت مستندات ناقصة لتبرير أوجه صرف الدعم العمومي رغم إنذارها من طرف المجلس الأعلى للحسابات لتقديم الوثائق المبررة لهذا الصرف داخل أجل شهر من توصلها بالإعذار وفق منطوق الفصل 43 من قانون الأحزاب السياسية تحت طائلة حرمانه من الإستفادة من الدعم العمومي دون الإخلال بإنخاذ التدابير والمتابعات المقررة في القانون.