صدر للإعلامي المغربي الحبيب العسري مؤلف جديد اختار له عنوان “العلاقات المغربية الإفريقية من خلال الإعلام”، يتناول من خلاله مسار هذه العلاقات من بوابة الإعلام، وذلك عبر تسليط الضوء على أهم الأحداث التي طبعت علاقة المملكة المغربية بعمقها الإفريقي، وكيف رافقها الإعلام والصحافة وساهما في نقلها للرأي العام وفي تحليلها وتوثيقها.
يقع الإصدار في 420 صفحة، ويتفرع لبابين، الأول تناول فيه الكاتب “دور الإعلام في مواكبة وتوثيق الأحداث التي طبعت العلاقات بين المغرب وإفريقيا 1958-1981″، أما الثاني فخصصه لـ”مواكبة الإعلام للعلاقات المغربية الإفريقية في ضوء متغيرات القضية الوطنية 1980-2017″، من خلال فصول ومباحث اعتمد فيها منهجية التدرج في الأحداث التي عرفتها هذه العلاقات.
ويركز المؤلف على دور الملوك العلويين في بناء وضمان استمرارية العلاقات بين المملكة المغربية وإفريقيا وتقويتها؛ بدءا بمرحلة الملك الراحل محمد الخامس الذي قاد مشروع تحرر إفريقيا من الاستعمار، وآمن بأن استقلال المغرب لن يكتمل إلا باستقلال البلدان الإفريقية، فكان له الدور الكبير إلى جانب الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في ميلاد فكرة الوحدة الإفريقية.
ويشير الإصدار الجديد إلى الدور الريادي للملك الحسن الثاني، أحد مؤسسي منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 بأديس أبابا، عاصمة إثيوبيا، التي جاءت بعد سلسلة مؤتمرات تمهيدية للفكرة، مبرزا أن هذا الطموح الوحدوي اصطدم بالتآمر على سيادة المغرب ووحدة أراضيه، عبر السماح من طرف خصومه بدخول كيان لا أرض ولا سيادة له عضوا بالمنظمة، لينسحب بعدها المغرب منها، لكنه احتفظ بعلاقات ثنائية استثنائية مع العديد من البلدان الإفريقية الصديقة والشقيقة.
وتوقف الباحث الحبيب العسري عند مرحلة العهد الجديد للملك محمد السادس، الذي استثمر المكاسب التي تحققت من قبل في علاقة المغرب بعمقه الإفريقي، واختار إستراتيجية ذكية في التعامل مع إفريقيا؛ إذ اعتمد الجالس على العرش المقاربة الاقتصادية قبل السياسية لتقوية العلاقات المغربية الإفريقية، وانفتح حتى على البلدان التي تعاكس وحدة البلد الترابية وتدعم فكرة الانفصال، ودخل معها إلى جانب البلدان الصديقة في شراكات يحكمها منطق رابح –رابح؛ وهي الإستراتيجية التي أعطت أكلها ومكنت المملكة من استعادة مكانتها ضمن مؤسسة الوحدة الإفريقية “الاتحاد الإفريقي” عام 2017.
كما أبرز الإعلامي العسري ضمن مؤلفه كيفية وحجم المواكبة الإعلامية التي كانت لهذه المراحل التاريخية، وكذا المساهمة الكبيرة التي كانت ومازالت للإعلام والصحافة في نصرة قضايا المغرب، وعلى رأسها مغربية صحرائه، وفي الدفاع عن قضايا إفريقيا من خلال منح الإشعاع الإعلامي اللازم لمبادرات المملكة المغربية في هذا الإطار، خصوصا في مجالات التنمية ومحاربة الفقر والهشاشة، وفي الترافع عن إفريقيا في مختلف المحافل الدولية.
كما يؤكد الباحث أن الموضوع فرض عليه تخصيص الفصل الأول من بحثه لبيان علاقة الصحافة بالتاريخ من حيث أوجه التداخل والتباين.
يشار إلى أن الحبيب العسري صحافي راكم تجربة مهنية وإدارية بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مركزيا وجهويا، وسبقت له الاستفادة من دورات تكوينية بالولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية وإيطاليا ومصر، كما توج بالعديد من الجوائز في المجال الإعلامي، وله إصدار سابق حول “التلفزيون العمومي: أي مستقبل في زمن التكنولوجيا الرقمية؟”.