الرباط.. التدبير الجديد للمالية العمومية محور جلسة نقاش

شكل التدبير الجديد للمالية العمومية محور جلسة نقاش عقدت أمس السبت بالرباط في إطار الندوة الدولية الخامسة عشرة حول المالية العمومية.

وأتاحت هذه الجلسة حول موضوع “الأسس الثلاثة لنموذج المالية العمومية”، الفرصة لمناقشة التدبير الجديد للمالية العمومية، بما في ذلك على وجه الخصوص الموافقة على توحيد نماذج المالية العمومية، ومساءلة الفاعلين الماليين العموميين وتحميلهم المسؤولية وتأهيل الموارد البشرية.

وبهذه المناسبة، ركز الأستاذ الجامعي، عضو اللجنة العلمية بالمركز المغربي للظرفية، طارق المالكي، على ضرورة إقدام الدول المساهمة على تغيير نموذجها المالي بشكل جذري من خلال الاعتماد على مجموعة من الأدوات والسياسات.

وفي هذا الصدد، تساءل عن نموذج التمويل الذي سيتم اعتماده في تنفيذ النموذج التنموي الجديد، مضيفا أنه لا يمكن خص الأداة الميزانياتية لدعم هذا النموذج التنموي وحده، وأنه يجب تركيز هذا الأخير وتوجيهه نحو المشاريع والأوراش الاجتماعية.

وأشار المالكي إلى أن التحدي المطروح يتمثل في تعزيز توجيه حكامة الدولة نحو التدبير الاستراتيجي لأصولها، مشددا على ضرورة توفر الاقتصاد المغربي على أدوات جديدة تخول التدبير العمومي بغية تعزيز وفرة الموارد المالية الجديدة والكفيلة بتمويل المشاريع الهيكلة الكبرى في الدولة.

من جانبه، أبرز مدير البحث والتقنين والتعاون الدولي بالخزينة العامة للمملكة، عبد الكريم كيري، أن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالتوفيق بين الحاجة إلى تدبير فعال قائم على حرية التصرف من جهة، وبين اشتراط امتثال نموذجي لمدبري المالية العمومية من جهة أخرى، دون تفضيل أحدهما على حساب الآخر.

وقال إن “النهج الأكثر حداثة في هذا المجال قد لا يكون بالضرورة الأكثر واقعية، وحتى الرؤية الأكثر اعتدالا لا تعد كافية أيضا، لذا فإن مساءلة الفاعلين الماليين العمومين مسألة معقدة وحساسة للغاية”.

وبحسب كيري، فإنه آن الأوان لإطلاق تفكير عميق وطموح حول نظام مساءلة الفاعلين الماليين العموميين، والذي يهم مجموعة من مراحل تقدم الإجراءات.

ومن جهته، أكد المستشار القانوني بالمجلس الأعلى للحسابات بفرنسا، جيل ميلر، على أن مساءلة الجهات الفاعلة المعنية بالتدبير العمومي في فرنسا اليوم تتخذ شكل رغبة معلنة في تعزيز رافعة المساءلة الإدارية.

وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه مهما اختلف المنطق المعتمد (حديث أو تدبيري أو غيرهما)، فإن المهم هو اتسامه بالشفافية واقترانه بالجزاءات.

وأفاد رئيس مصلحة المسارات المهنية وسياسات الأجور والسياسات الاجتماعية بالمديرية العامة للإدارة والخدمة العمومية بفرنسا، غيوم تانلوت، أن استقلالية الموظفين العموميين تمثل إحدى طرق الاستجابة للأزمات وإيجاد حلول لها.

وأوضح أن “اللااستقرار وانعدام اليقين يستدعيان اهتماما متزايدا باستقلالية الإدارات، والمدبرين الماليين، وجميع الجهات الفاعلة في العمل العمومي”.

ويرى تانلوت أن الاستقلالية تتطلب أيضا مساءلة المعنيين بالتدبير، وفق منطق شامل للمسؤولية.

تنظم الندوة الدولية الخامسة عشرة حول المالية العمومية تحت شعار: “أي نموذج لحكامة المالية العمومية في عالم متعدد الأزمات؟” بمبادرة من وزارة الاقتصاد والمالية وجمعية المؤسسة الدولية للمالية العمومية (FONDAFIP)، وبدعم من المجلة الفرنسية للمالية العمومية (RFFP).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.