ما الجدوى من إضافة ساعة للتوقيت الرسمي طيلة السنة؟ من المستفيد الحقيقي على حساب المغاربة؟

مع نهاية شهر رمضان، يعود الجدل السنوي حول التوقيت الصيفي إلى الواجهة، فيتجدد استياء المغاربة من قرار إضافة ساعة إلى التوقيت القانوني، وهو القرار الذي فرض عليهم دون استشارة أو مراعاة لانعكاساته، ورغم احتجاجات المواطنين والمطالب المتكررة بإلغائه، لا تزال الحكومة تتشبث به، متجاهلة الأصوات الرافضة، وكأنها تُدير ظهرها لمن انتخبها.

عندما قررت الحكومة تثبيت التوقيت الصيفي طيلة السنة، بررت ذلك بعدة حجج، أبرزها تقليص استهلاك الطاقة، وتحسين الإنتاجية، وملاءمة التوقيت المغربي مع الشركاء الأوروبيين، لكن بعد مرور سنوات على هذا القرار، لم ير المواطن سوى المزيد من الإرهاق والتوتر، بينما ظلت هذه الوعود مجرد شعارات فارغة لا تستند إلى أي أرقام أو معطيات موثوقة.

التبرير الأول، الذي يروج لفكرة توفير الطاقة، سرعان ما تهاوى أمام الواقع، فالمغاربة يضطرون للاستيقاظ في ظلام دامس، مما يفرض استخدام الإنارة في المنازل والشوارع وأماكن العمل، ما يعني استهلاكا مضاعفًا للطاقة بدل تقليصها، أما تحسين الإنتاجية، فالحقيقة أن تغيير الساعة يربك النظام البيولوجي للمواطن، ويؤدي إلى انخفاض التركيز والشعور الدائم بالتعب، وهو ما ينعكس سلبا على الأداء المهني والدراسي.

أما حجة الملاءمة مع الشركاء الأوروبيين، فتكشف عن تناقض صارخ، فالاتحاد الأوروبي نفسه يتجه نحو إلغاء التوقيت الصيفي بعدما أثبتت دراساته أن أضراره تفوق منافعه. فكيف يتمسك المغرب بسياسة تتخلى عنها الدول التي اقتبس منها الفكرة؟

إذا كانت الحكومة تتحدث عن فوائد اقتصادية مزعومة، فإن المواطن العادي لا يرى سوى سلبيات هذا التوقيت المفروض عليه قسرا، والأسر تعاني، والتلاميذ يذهبون إلى مدارسهم في ظلام حالك، مما يثير المخاوف الأمنية، والأطفال يجدون صعوبة في التأقلم مع الإيقاع الجديد، مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي، أما في أماكن العمل، فالتعب والإرهاق يصبحان ضيفين دائمين على الموظفين، الذين تتأثر إنتاجيتهم بدل أن تتحسن.

المفارقة أن الحكومة تدرك هذه الإشكالات، لكنها تصر على تجاهلها، لا حوار، لا دراسات شفافة، لا تفاعل مع شكاوى المواطنين، فقط قرارات جاهزة تفرض بالقوة، وكأن السلطة تعتبر أن “التوقيت الصيفي” خط أحمر لا يمكن مناقشته.

الحقيقة أن التوقيت الصيفي لم يعد مجرد قضية تقنية مرتبطة بالاقتصاد أو الطاقة، بل أصبح رمزا لسياسة فرض الأمر الواقع، حيث تتخذ الحكومة قرارات مصيرية دون إشراك المواطنين أو تقديم مبررات واضحة، ففي الوقت الذي يشتكي فيه المواطن من غلاء المعيشة وتدهور الخدمات، يجد نفسه مجبرا أيضا على التأقلم مع قرارات تزيد من معاناته اليومية، دون أن يكون له الحق حتى في الاعتراض.

التوقيت الصيفي لم يثبت جدواه لا اقتصاديا ولا اجتماعيا، بل أصبح عبئا يتحمله المواطن وحده، بينما تتجاهل الحكومة كل الأصوات المطالبة بإلغائه، فهل يستمر العناد الرسمي في مواجهة الرفض الشعبي؟ أم أن الحكومة ستدرك أخيرا أن القرارات التي تمس الحياة اليومية للناس لا يمكن أن تُتخذ في غرف مغلقة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.