قالت أمال شريف، الفنانة التشكيلية ومصممة الأزياء العصامية، إن الثقافة الأمازيغية مكون أساسي في مختلف أعمالها، حيث تشكل هوية العمل الفني بالنسبة لها.
وأضافت أمال الملقبة ب”ليليان”، في حوار خاص مع جريدة “جهات” الإلكترونية، أن اعتزازها بالمكون الثقافي الأمازيغي يشكل مصدر إلهامها، وتمثل الألوان والملامح والأكسيسوارات الأمازيغية منبع خيالها الفني.
وفي ما يلي نص الحوار:
- أمال شريف، باعتبارك فنانة عصامية شابة، ما الذي دفعك لتوجيه اهتمامك الأكبر نحو العمل على الثقافة الأمازيغية في مختلف أعمالك التشكيلية والتصميمية وغيرها؟
بالنسبة لأعمالي التشكيلية فتكشف جليا تأثري بالثقافة الأمازيغية، سواء الوشم أو الحلي أو الألوان، أو الملامح.. فهذا العشق نحو الثقافة الأمازيغية لا ينفصل عن أصولي، فأنا أمازيغية من أيت بوكماز نواحي أزيلال، رغم أنني تنقلت للدراسة بكل من خريبكة ثم الجديدة. هذا العشق أيضا لا ينفصل عن الحسرة التي أشعر بها لعدم قدرتي الحديث باللغة الاأمازيغية، لذلك أحاول التشبع بكل ما هو أمازيغي من خلال الرسم والألوان والتعرف أكثر على ثقافتي الأمازيغية.
لقد اشتغلت على ماركة خاصة بي هي “سيليامالزيغ”، وسيليا اسم أمازيغي يعني الفاتنة بالجمال، وإضافة أمازيغ بعد أمل يأتي للدلالة على هوية هذه الماركة التي تهم الاشتغال على الزرابي وكذلك اللباس بلمسة أمازيغية جلية.
- في نظرك، كيف يمكن للفن بشكل عام وتجربتك أنت من داخل الفن التشكيلي وتصميم الملابس بشكل خاص، أن يساهم في استحضار الهوية الأمازيغية وإحياء وجودها بشكل أكبر في مختلف المجالات الجغرافية الوطنية؟
يبدو لي أن الثقافة الأمازيغية منذ مدة ليست بالوجيزة عادت لتكون حاضرة بقوة في جميع المجالات الفنية، وخاصة في السنوات الأخيرة حيث غزت العالم الثقافي المغربي بشكل عام، فإذا ما لاحظتم، أصبح هناك تأثر كبير بالرموز الأمازيغية، بالوشوم الأمازيغية، باللباس الأمازيغي، وإن بطريقة متجددة، لكن هناك حضور للهوية الأمازيغية.
وهناك العديد من الفنانين الأصدقاء ذوو مكانة كبيرة في مجتمع الفن يعمدون على غرار ما أقوم به إلى إنتاج أعمال تشكيلية تتجدر فيها الثقافة الأمازيغية؛ ثم إن الفن بصفة عامة في المغرب ينهل من الثقافة الأمازيغية، بدء من جدتي التي تنسج الزرابي الأمازيغية بتناسق كبير بين الألوان، فهذا بذاته فن تشكيلي بالصوف والمغزل.
- كما أشرت، فهذه الأعمال الفنية تمتح من الثقافة الأمازيغية، وتعيد صياغتها في قوالب جديدة، بحيث نصبح أمام نوع من التجديد انطلاقا من الثقافة، ألا يمكن في نظرك أن يؤدي الإغراق في التجديد إلى افقاد الثقافة الأمازيغية أصالتها وتفريغها من حمولتها التاريخية؟
على العكس، أرى أن التجديد في الثقافة الأمازيغية يساهم في شيوعها بشكل أكبر، وكذا منحها طابعا عصريا يسمح بتداول واسع لها على المستوى العالمي، لا الوطني فقط، فمثلا هناك اللباس الأمازيغي التقليدي وهو خاص بالمناسبات فقط، حيث لا يمكن للمغربي الآن أن يخرج به في يومه العادي، لكن بالمقابل يمكن أن يرتدي لباسا عاديا مع لمسات أمازيغية مثل اللوبان أو الاكسيسوارات وغيرها… لدى فأنا أدعم انتاج لباس معاصر لكن بلمسة أمازيغية، مع الحفاظ على الثقافة الأمازيغية ورموزها الحقيقية.
متى يمكننا الحديث عن اندثار اللباس الأمازيغي مثلا؟ أرى أن الاندثار سيحصل عندما سيظل اللباس الأمازيغي مقتصرا على المناسبات.
- بينتم أن الثقافة الأمازيغية تمكنت من الحفاظ على وجاهتها محليا، لكن بالمقابل هل يمكن أن تتحول الثقافة الأمازيغية المغربية إلى ثقافة كونيىة؟
بالفعل، أرى حاليا أن هذه الثقافة تتجه للعالمية، فقد تواصل معي خلال هذه السنوات العديد من الفنانين والأشخاص من بلدان مختلفة من أجل الوشوم مثلا، وطلبوا مني أن أصمم لهم وشوما أمازيغية، بالإضافة إلى أن العديد من الأصدقاء الإسبان المهتمين بشدة بالثقافة الأمازيغية يزورون المغرب كثيرا لتعلم الأمازيغية وتقاليدها، فهذا الاهتمام الواسع يدل على إمكانية بلوغ هذه الثقافة العريقة إلى العالمية.
- هل يمكن أن تحدثينا أكثر عن الماركة الخاصة بك “سيليامالزيغ”؟
بالنسبة لسيليامالزيغ، اشتغل عليها منذ 2018 ، إلا أنها بدأت بشكل تلقائي، حيث لم أكن أخطط لإنشاء ماركة. كل ما في الأمر أنني كنت أعد ملابسي الشخصية، لكن مع توالي الأيام بدأ أصدقائي والغرباء يسألوني عن لباسي مبدين إعجابهم، فلاحظت أنه بالفعل هناك لمسة يمكن أن تطور وتسوق، لحظتها بدأت “البراند” والتي هي سيليامالزيغ، وكان رهاني فيها هو الحفاظ على الموروث الأمازيغي، كالحزام والزرابي الأمازيغية وحروف تيفيناغ.
وبعد سنوات، تطورت سيليامالزيغ، وبدأت تأتيني عروض، حيث أشتغل بالأساس مع الفنانين، كون الألبسة التي أعدها هي ألبسة خاصة بالمنصة؛ وقد اشتغلت مع مجموعة من الفنانين: ايغيدر، ونبيل حالك، وسكينة فحصي، وقمر منصور، وأنا في طور الإشتغال مع مجموعة من الفرق الموسيقية الأمازيغية، من بينهم افكان واكناف وهي فرقة أمازيغية ريفية، وهناك مجموعة من التصاميم التي أعدها.
واشتغل في هذه الماركة رفقة فريق، فأنا أجهز الفكرة، ثم استعين بخياط لتجسيدها، لكنني الآن بصدد دراسة تصميم الملابس الاستعراضية والسينيمائية في المعهد السينمائي، كونها ستسعفني أكثر لتحقيق رؤيتي المستقبلية لسيليامالزيغ. وبالماوزاة مع هذا، فقد فتحت محلا ب”ايت بن حدو” خاص ب”سيسيليامالزيغ”.