انطلقت مساء أمس السبت ، بجماعة تويزكي بإقليم أسا الزاك، فعاليات الدورة الثالثة للمهرجان الدولي للرحل، الذي تنظمه مؤسسة تويزكي للتنمية والثقافة وحماية التراث، تحت شعار “الماء والترحال في علاقة البدو بالمجال”.
وتروم هذه التظاهرة تسليط الضوء على تراث الرحل بغية تثمين والمحافظة على الموروث الحضاري الصحراوي ونشر الثقافة الحسانية، ودعم الاقتصاد المحلي وإبراز المؤهلات الطبيعية و الثقافية و السياحية للمنطقة، بالإضافة إلى تعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب وتشجيع الفن والفنانين عبر فتح جسور التواصل بينهم وجعل منطقة تويزكي وجهة ثقافية بامتياز والدفع بعجلة التنمية بها.
وتعرف هذه الدورة المنظمة بشراكة مع جماعة تويزكي، مشاركة وفود تمثل عدة بلدان منها موريتانيا، والأردن، ومصر، وتونس، والسودان، ومالي، وبوركينافاسو، والكونغو، والطوغو، ومدغشقر، بالإضافة إلى فرنسا، وإنجلترا، والسويد، وسويسرا، وليتوانيا، والأرجنتين، وألمانيا.
كما تعرف دورة هذه السنة المقامة بفضاء وادي “الخنك” بجماعة تويزكي، مشاركة نخبة من الفنانين المغاربة والأجانب الذين تستهويهم ثقافة الرحل، من بينهم الفنانة الموريتانية كمبان منت علي وركان.
وتميز حفل افتتاح هذه النسخة ، الذي حضرته عدة شخصيات ، على رأسها الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، وعامل إقليم أسا الزاك، يوسف خير، بالإضافة إلى الوزير المفوض بالسفارة الليبية بالرباط، العيساوي صالح حسن المختار الزبيدي، وكذا منتخبين وشخصيات مدنية وعسكرية، بزيارة الوفد الرسمي لأروقة “الخنك” وهو عبارة عن حوالي 95 خيمة موضوعاتية تعرض منتوجات للصناعة التقليدية ومنتوجات مجالية للرحل من عدة مناطق محلية ومدن مغربية.
وتجسد هذه المنتوجات ثقافة ونمط حياة الرحل (صناعة الخيمة الصحراوية، مستلزمات ركوب الإبل ، أواني الطبخ، صناعة الحصير والرزابي، عسل ومشتقاته، زيت أركان ومشتقاته..).
كما تم ، بالمناسبة، تقديم استعراض تقليدي يجسد ثقافة الرحل، منها بالخصوص، ممارسة ركوب الجمال، وطقوس زواج الفتاة البدوية وانتقالها إلى بيت العريس، وكذا قوافل أخرى منها قافلة تجارية محملة بمواد غذائية أساسية .
وأكد رئيس مؤسسة تويزكي للتنمية والثقافة وحماية التراث، الحسين باج، في كلمة بالمناسبة، أن الهدف من هذا المهرجان هو إبراز معالم وطبيعة ثقافة الرحل ودعمها والحفاظ عليها كموروث ثقافي حساني ورافدا من روافد الهوية الوطنية المغربية.
وأبرز أن اختيار تيمة الماء والترحال لدورة هذه السنة جاء بالنظرا للعلاقة المتينة للبدو بالماء ، مؤكدا أنه يتعين في ظل الظرفية المناخية، بذل الجهود للبحث عن سبل تطوير نمط حياة الرحل وتسهيل وصولهم لنقط الماء، فالرحل يضيف باج، يشكلون بالنسبة لجماعة تويزكي رقما أساسيا في المعادلة الديمغرافية وقاعدة مهمة لتجميع معطيات مونوغرافية هذه الجماعة.
وأشار إلى أن المهرجان يتوخى التعريف بمنطقة تويزكي والترويج للثقافة المحلية وتسويق المنتوج السياحي والإيكولوجي الذي تزخر به هذه المنطقة.
من جهة، أكد رئيس جماعة تويزكي، الحضرمي بنكا، أن ما يميز هذا المهرجان هو طابعه المحافظ المستمد من أعراف البداوة الأصيلة لأهل البادية، مضيفا أن المهرجان يتوخى تثمين الموروث الحضاري الحساني والاحتفاء بتراث وثقافة الرحل الذين يعملون على دعم الاقتصاد المحلي من خلال المساهمة في إبراز والرفع من جاذبية منطقة تويزكي بإقليم أسا الزاك وجهة كلميم وادنون.
وأشار إلى أن اختيار الماء والترحال في علاقة البدو بالمجال كتيمة رئيسية لهذه النسخة جاء اعتبارا لأهمية المجال عند البدو في علاقته الجدلية مع الماء والبحث المتواصل عن الكلأ من جهة، وبالنظر إلى التحديات المرتبطة بحالة الإجهاد المائي الذي تعيشه بلادنا من جهة أخرى.
من جانبه، أكد بايتاس، في تصريح لقناة (M24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا المهرجان له عدة دلالات معبرة تاريخية واقتصادية وثقافية، والذي يعد موروثا ثقافيا مهما ، منونها بالجهود التي تبدلها جميع الفعاليات الإقليمية ومنها السلطات المحلية في هذا المجال مما يعكس بأن الإمكانيات هي متواجدة يتعين فقط الاستثمار فيها من أجل مستقبل أفظل للجميع .
وتم بالمناسبة، تكريم شخصيات سياسية وإعلامية وعدد من أعيان المنطقة.
وعقب حفل الافتتاح نظمت أمسية فنية أحيتها فرق محلية ومن مدن مغربية، بالإضافة إلى الفنانة الموريتانية كمبان منت علي وركان، والذين قدموا أغاني تعبر عن واقع وثقافة الصحراء بتيمات مختلفة جعلت أرجاء جماعة تويزكي تعيش، في أولى ليالي المهرجان، على إيقاعات ورقصات الموسيقى الحسانية الشجية.
وتتيح الدورة الثالثة لهذا المهرجان، المنظمة بتنسيق مع عمالة إقليم أسا الزاك، والمجلس الإقليمي لأسا الزاك، وعدة قطاعات حكومية ومؤسسات وغرف مهنية، للساكنة المحلية وزوارها الفرصة لتذوق أجمل أنماط الموسيقى المختلفة، والتناغم مع الرقصات والأغاني المبرمجة خلال هذه السنة.
ويتميز برنامج دورة 2022 ، أيضا، بالطابع ذي البعد الفكري والعلمي، من خلال تنظيم ندوات حول مواضيع تتعلق بثقافة الرحل، والسياحة الصحراوية، وتدبير المراعي، إلى جانب ورشة لفائدة مهنيي السياحة القروية.
ويشتمل برنامج المهرجان، أيضا، على تنظيم سباقات للهجن ورمي النبال والشارة، وألعاب تقليدية جماعية، إضافة إلى أمسيات فنية، ورحلة استكشافية لضيوف المهرجان لاكتشاف النقوش الصخرية التي تتميز بها جماعة تويزكي، والقبور القديمة، وكذا الاستمتاع بالكثبان الرملية.