أبرز مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موكادور أندري أزولاي، أمس الأربعاء بتطوان، أن المغرب يظل، أكثر من أي وقت مضى، مؤتمنا على التعددية، التي غذت وصهرت البلاد، والتي تشكل إحدى خصوصياته الرئيسية بالعالم.
وأضاف أزولاي، خلال درس افتتاحي ألقاه بجامعة عبد المالك السعدي بمناسبة انعقاد الملتقى الوطني الأول حول “دور اليهود المغاربة في إغناء الذاكرة الجماعية الوطنية”، أنه “في مواجهة كل الانتكاسات التي تحيط بنا ، فإن مغرب 2023، الذي بدأ هذه المسيرة المجيدة، يقول للآخرين إننا نظل أكثر من أي وقت مضى مؤتمنين على التعددية، التي غذتنا وصنعتنا، والتي أصبحت اليوم إحدى الخصوصيات الرئيسية لبلدنا في العالم”.
وقال مستشار جلالة الملك “نحن في زمن وبين محفل الأمم الباحثة عن نقاط مرجعية، ومؤسسات دولية تستثمر مليارات اليورو لإيجاد أجوبة عن التحديات التي نواجهها اليوم، وهي إمكانية أن نتعايش عندما نكون مختلفين”، مبرزا أن “المجتمع الدولي بحاجة إلى بوصلة، وأنا أزعم أن هذه البوصلة مغربية”.
وشدد أزولاي على أن المجتمع المغربي هو ثمرة تراكمات كل الحضارات التي لقيت الترحيب وعاشت في بلادنا، مشيرا إلى أن المغرب غني بالتعايش والتلاقح والانصهار الإيجابي للحضارات الأمازيغية واليهودية والعربية والأفريقية.
ونوه بأننا “نعيش لحظة نور. إذ ما يمكن أن يكون أنفس وأكثر حداثة وإنسانية من قبول الاختلاف، والمغرب حضارة لم تترك على هامش الطريق كل الحضارات التي رعت وشكلت وصاغت مجتمعنا اليوم”، موضحا “حينما نملك نحن القدرة على مراكمة كل هذه الحضارات، لا يستطيع الآخرون ذلك، بل إنهم لا يمتلكون منطقا تراكميا بل اختزاليا، بينما منطقنا هو منطق حداثة حقيقية”.
وشدد أزولاي أنه “لا توجد حداثة اجتماعية عندما تدير ظهرها للآخرين”، مبرزا بالمقابل أن المغرب مؤتمن على تراث تاريخي غني وعميق الجذور في تاريخ البشرية.
وأوضح أن “كتاب تاريخنا يحتوي على لحظات سعيدة وعلى صفحات أخرى أقل سعادة، ولحظات عصيبة، بل أحيانا مأساوية”، مشدد ا على الحاجة إلى استعادة كل من الصفحات الصعبة والصفحات السعيدة من تاريخنا في الوقت نفسه.
وقال الرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موكادور “لقد سلكنا طريق النور هذا، حيث اختار الكثير من حولنا طريق الظلام”، مؤكدا على أهمية “بيت الذاكرة” كفضاء يعكس عمق التاريخ وقيم العيش معا.
وأشاد أزولاي بالدور المهم الذي تضطلع به جامعة عبد المالك السعدي في نقل المعرفة وتعزيز البحث العلمي، من خلال تنوع التخصصات التي تقدمها للطلبة، مؤكدا على ضرورة الاستمرار في الاستثمار في التعليم والتربية.
وقال “التعليم هو أفضل سلاح لكسب معركة المنطق، لاسيما ونحن نشهد عودة الانتكاسات والنزعات القومية المتفاقمة التي تلقى ملاذا لها من حولنا”، مؤكدا أن هذه الرؤية تحتل مكانة مركزية في مغرب اليوم.
من جهته، شدد رئيس جامعة عبد المالك السعدي، بوشتى المومني، على أهمية هذا الملتقى الوطني الأول حول “دور اليهود المغاربة في إغناء الذاكرة الجماعية الوطنية”، مشيرا إلى أن هذا الموضوع التاريخي موضوع بحث وتدريس في المؤسسات الأكاديمية التابعة للجامعة.
وأبرز المومني أنه “بالإضافة إلى وظيفتها في إنتاج ونشر المعرفة، فإن الجامعة تستثمر في مهام أخرى، بما في ذلك التعريف، من خلال عملها وإشعاعها، بالثقافة الوطنية”، مضيفا أن القانون المتعلق بتأطير وتنظيم قطاع التعليم العالي من بين مبادئه وأهدافه على الخصوص “دعم التراث الثقافي المغربي وإشاعة قيمه الأصيلة”.
وأشار المومني إلى أن الأهمية القصوى لأنشطة النخب العلمية والفكرية والثقافية يشكل الفضاء الذي يؤكد الهوية الوطنية ويعبر أيضا عن الروح الإنسانية والقيم العالمية، ولاسيما حقوق الإنسان والتسامح والحريات الأساسية واحترام الآخرين، ملاحظا أن هذا يشكل توليفة تسمح لمجتمع وطني بالتواصل مع البشرية جمعاء.
وقال إنه “في عالم مضطرب، نحن فخورون بنموذج مجتمعنا، الذي جاء نتيجة اختيار عمره ألف عام، يقوم على مبادئ وقيم أساسية متجذرة بعمق في وعي وثقافة المغاربة، وهي التسامح والاحترام المتبادل والعيش المشترك والتفاعل الإيجابي بين مختلف الطوائف”، مشيرا إلى أنه سيتم مستقبلا تنظيم لقاءات دورية أخرى حول الموضوع ذاته.
وانعقد الملتقى، الذي نظمته جماعة تطوان وجامعة عبد المالك السعدي، بدعم من عمالة تطوان، بمناسبة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، بحضور عامل إقليم تطوان، يونس التازي، ومنتخبون وأكاديميون ومسؤولون قضائيون وفاعلون ثقافيون ومدنيون وممثلون عن هيئات دينية وأعضاء من الطائفة اليهودية.
وتهدف هذه التظاهرة إلى دعم الإشعاع الثقافي وتعزيز جاذبية تطوان، كموقع للالتقاء وتبادل الثقافات وانصهارها وتمازجها.