أزمة طلبة الطب: بين محاولات الحل وتجاهل المطالب

في تطور جديد على مستوى الحوار المتواصل بين طلبة الطب ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، اتهمت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة الوزير عبد اللطيف ميراوي بعرقلة جهود الوساطة، معتبرة أن الوزارة لا تبحث عن حل جاد للأزمة التي امتدت لأكثر من عشرة أشهر.

الاتهامات الموجهة من اللجنة تأتي بعد تقديم الوزارة عرضا جديدا عبر مؤسسة وسيط المملكة، وصفته اللجنة بأنه أقل بكثير من العرض السابق، ما يشير إلى انعدام الجدية في مقترحات الحكومة لحل الأزمة المتفاقمة.

اللجنة، التي تمثل آلاف الطلبة الذين ينادون بتحسين جودة التعليم الطبي وتطوير القطاع الصحي، أكدت في بيان صحفي أنها قدمت تنازلات كبيرة للوصول إلى أرضية مشتركة، إلا أن الوزارة بدورها قامت بتقليص دور الوسيط في البحث عن حلول وسط.

هذه المواقف المتباينة تشير إلى أن الخلافات لم تعد تتعلق فقط بالجانب الأكاديمي، بل أصبحت أزمة ثقة بين الطلبة والحكومة، حيث يُنظر إلى الحلول المقترحة بأنها سطحية وغير كافية لمعالجة مشاكل هيكلية يعاني منها قطاع التعليم الطبي.

الاستطلاعات الأولية التي قامت بها اللجنة تشير إلى أن الطلبة يتجهون إلى رفض العرض الحكومي الحالي، معتبرين أنه لا يتناسب مع تطلعاتهم، بل يمثل تراجعًا عما تم التوصل إليه سابقًا.

في ظل هذا الواقع، باتت الأجواء تتسم بالتوتر، وسط اتهامات من الطلبة للوزارة بمحاولات تفريق موقفهم من خلال برمجة دورات امتحانات استثنائية لجمع نسبة صغيرة من المشاركة الطلابية، في محاولة لتفكيك صفوفهم وضرب وحدتهم.

من جهة أخرى، أثنت اللجنة على جهود مؤسسة وسيط المملكة، التي لعبت دورًا محوريًا في التفاوض، وأكدت أن اللقاءات التي عُقدت تحت إشراف الوسيط شهدت مستوى عالٍ من النقاش، على الرغم من أن الوزارة ظلت مترددة في تقديم حلول حقيقية.

ولم يقتصر الأمر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل طالب الطلبة بإشراك وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في الحوار، باعتبارها فاعلًا أساسيًا في ملفهم، إلا أن الوزارة واصلت رفض طلبات اللجنة لعقد اجتماعات تقنية لمناقشة تفاصيل المقترحات المقدمة.

تعنت الوزارة في الاستجابة لمطالب الطلبة، وتجاهلها للحلول الشاملة، يعكس صورة قاتمة عن مدى استعداد الجهات الرسمية لمعالجة الأزمة، فالطلبة، الذين يمثلون مستقبل قطاع الصحة في المغرب، يرون أن الحكومة تميل إلى اعتماد حلول ترقيعية لا ترقى إلى مستوى الإصلاح الجذري المطلوب، ما يجعل الأزمة تتفاقم يوما بعد يوم.

مع استمرار الأزمة، تظل الأنظار متجهة نحو الخطوات المقبلة، سواء من جانب الطلبة الذين سيصدرون قريبا بيانا رسميا يتضمن نسب تصويتهم على المقترح الحكومي، أو من جانب الحكومة التي تواجه ضغوطًا متزايدة لحل الأزمة، ويبقى السؤال المطروح هو: إلى متى سيستمر هذا الشد والجذب، وهل ستتمكن الوزارة من تجاوز الأزمة بتقديم حلول جذرية تضمن للطلبة مستقبلًا أفضل وللقطاع الصحي تطورًا ملموسًا؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.