فرانكفورت.. الطائفة اليهودية المغربية تخلد ميمونة

احتفت الطائفة اليهودية من أصل مغربي المقيمة بألمانيا، أول أمس الأحد بفرانكفورت، بعيد ميمونة، الذي يطبع نهاية عيد الفصح اليهودي.

واستهدف الحفل المنظم بمبادرة من جمعية “IC-Morocco”، بشراكة مع القنصلية العامة للمغرب بفرانكفورت، والذي أقيم بشكل عمومي لأول مرة في فرانكفورت، إبراز قيم الصداقة والتضامن التي تميز العلاقة بين المسلمين واليهود في المغرب منذ قرون، حسب ما أفادت به القنصلية العامة في بلاغ.

وعرف اللقاء حضور أوي بيكر، كاتب الدولة للشؤون الأوروبية والدولية في مقاطعة هيس، والحاخام ذي الأصل المغربي جوليان شايم سوسان، عضو المجلس الاستشاري لمؤتمر الحاخامات الأرثودكس بألمانيا، ونخبة من الشخصيات الممثلة للجالية المغربية المقيمة بألمانيا، وضمنهم مغاربة يهود.

وشكل اللقاء الذي عرف مشاركة القنصل العام للمملكة بدوسلدورف ورئيس البعثة المساعد بسفارة المغرب ببرلين، مناسبة للمتدخلين لتسليط الضوء على عمق التقليد اليهودي المغربي والبعد الرمزي الذي يكتسيه من حيث تجسيد الالتزام من أجل الفهم المتبادل بين المسلمين واليهود في أفق مكافحة معاداة السامية وجميع أشكال الكراهية، بما فيها كراهية الإسلام.

وفي هذا السياق، أعرب السيد بيكر الذي يشغل أيضا مهمة مندوب المقاطعة للحياة اليهودية ومكافحة معاداة السامية، عن سعادته بالمشاركة في تخليد عيد ميمونة بفرانكفورت، باشتراك بين طائفتين دينيتين مختلفتين، مشيرا إلى أنه حدث خاص ينبغي تخليده في عموم ألمانيا وأوروبا لكونه يعكس نموذجا ملموسا للتعاون والعمل المشترك والدعم المتبادل.

ودعا إلى العمل في إطار شبكي على درب مستقبل أفضل، مبرزا ضرورة التركيز على العناصر التي تجمع المجموعات الدينية بدل ما يفرقها، والبحث عن السبل الكفيلة بتوطيد التضامن والتلاقح.

من جهته، قال الحاخام جوليان سوسان إن ميمونة احتفاء بالصداقة والسلام والمصالحة. إنه حفل يجسد الرابطة القوية بين المجموعتين المسلمة واليهودية بالمغرب. وأضاف أن المغاربة ينظرون إلى ميمونة بوصفها مناسبة لإحياء صداقات قديمة ونسج أخرى جديدة والاحتفاء بالثقافة والتاريخ المشترك. يتعلق الأمر برمز للتسامح والوحدة واحترام التنوع.

واستعاد رجل الدين ذو الأصل المغربي الموقف الشجاع لجلالة المغفور له محمد الخامس إزاء رعاياه اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أنه حين كان المغرب تحت قبضة نظام فيشي، كانت المجموعة اليهودية تشعر بالقلق متخوفة من التعرض للاضطهاد الذي شهدته أوروبا.

وقال إن جلالة المغفور له كان واعيا بهذه الانشغالات ورفض بشكل بات تطبيق القوانين التمييزية تجاه اليهود سنة 1941، مؤكدا أن المغاربة سواسية ولا مجال لأي اختلاف في المعاملة على أساس الدين أو العرق.

من جهة أخرى، أشار السيد سوسان إلى أنه بفضل شجاعة وريادة جلالة المغفور له محمد الخامس، ظل المغرب موطنا آمنا بالنسبة لليهود طيلة الحرب العالمية الثانية، ليخلص إلى أن الأمر يتعلق بمثال في الشجاعة والإنسانية قدمه قائد في ظرفية صعبة.

من جانبها، نوهت القنصل العام للمغرب بفرانكفورت، بثينة الكردودي الكلالي، بالمبادرة التي أقدمت عليها الجمعية المنظمة لتخليد تقليد ميمونة بهذه المدينة، مضيفة أنها تشكل عيدا مغربيا بامتياز، يعكس قيم التضامن والانسجام بين المسلمين واليهود في المجتمع المغربي.

ولاحظت أن ميمونة تتجاوز بعدها الاحتفالي لتقدم نموذجا في مجال السلام والوحدة وإرادة تكريس التنوع الديني والثقافي. لذلك، ليس من المستغرب، تقول الدبلوماسية، أن اليهود المغاربة في إسرائيل الذين يناهز عددهم مليون شخص، يواصلون الاحتفال بعيد ميمونة، بحيث سجل الشهر الماضي توافد 2000 سائح إسرائيلي على المغرب لتخليد هذا العيد.

وأعربت عن أملها في أن تجري احتفالية ميمونة كل عام في إطار مشترك بين الطائفتين المسلمة واليهودية بفرانكفورت، موضحة أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، يحرص على حرية ممارسة الشعائر بالنسبة لأهل الكتاب.

وسلطت الضوء على المنجزات التي حققتها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بهدف حفظ المكون العبري للهوية الوطنية والتراث اليهودي المغربي، وخصوصا الاعتراف، في الدستور الجديد لـ 2011، بالمكون العبري كرافد للهوية المغربية وصيانة معالم الإرث اليهودي في مجالات التعليم والثقافة.

يذكر أن هذا الحفل يأتي عقب لقاء تواصلي مع أفراد الجالية اليهودية من أصل مغربي بألمانيا، نظم في فبراير الماضي، من قبل القنصلية العامة للمغرب بفرانكفورت، في إطار تفعيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بتعبئة اليهود المغاربة المقيمين بالخارج وتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية والاجتماعية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.