شكلت التحديات المتعلقة بالاستقرار المالي والسياسات النقدية وديناميات التضخم، محور نقاشات جرت أمس الأربعاء في إطار مهرجان مراكش الاقتصادي المقام بالمدينة الحمراء على هامش الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين (من 9 إلى 15 أكتوبر).
وتطرق المشاركون في هذا الحدث المنظم من قبل مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ولجنة إعادة اختراع بريتون وودز على مدى أربعة أيام، إلى العديد من المواضيع المتعلقة بالتحديات التي تواجه العالم اليوم، لا سيما ما يتعلق بالتباطؤ الاقتصادي، والإصلاحات المتعلقة بالنظام النقدي الدولي ودور البنوك المركزية والجهات التنظيمية المالية في تعزيز النظام المالي العالمي المستقر والمرن بشكل فعال.
ويهدف هذا الاجتماع، الذي يعرف مشاركة مجموعة من الخبراء ومحافظي البنوك المركزية والأكاديميين، إلى أن يكون أيضا منصة للمشاركة في النقاشات حول تحديات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى نقاط الضعف والمخاطر التي تهدد النظام المالي العالمي في عالم مشتت.
وأشار المدير التنفيذي للجنة إعادة اختراع بريتون وودز، مارك أوزان، إلى أن هذا الحدث يهدف إلى تعبئة العديد من الجهات الفاعلة التي تمثل البنوك المركزية ووزارات المالية والقطاع الخاص لتقديم وجهات نظر غنية و متنوعة ومواكبة النقاشات التي ت جرى على هامش الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين.
وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا بتقديم آفاق بلدان الجنوب وذلك في سياق “يواجه للأسف تحولات مرتبطة بتغيير العديد من نماذج الاقتصاد الكلي”.
واعتبر مارك أوزان، أن العالم ينتقل إلى نموذج جديد للاقتصاد الكلي يتسم بارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المرتفع للغاية في كل من البلدان الناشئة والمتقدمة، وهو ما يشكل تحديات كبيرة للاقتصاد العالمي وحوكمته العالمية.
أما ميشيل بومان، إحدى محافظات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فقد أشارت إلى أن الوضع الاقتصادي الكلي الأخير طرح تحديات للبنوك المركزية سواء على مستوى السياسة النقدية أو الاستقرار المالي.
وقالت السيدة بومان إنه في العديد من الاقتصادات، كانت اضطرابات سلاسل الإمداد، إلى جانب الطلب القوي، مع خروج الاقتصادات من القيود المتعلقة بالوباء، بمثابة محفزات دفعت التضخم إلى مستويات عالية للغاية.
وأشارت إلى أنه أمام هذا الوضع، قامت العديد من البنوك المركزية بتشديد سياساتها النقدية من أجل تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب وإعادة التضخم إلى مستويات منخفضة.
كما سلطت الضوء على العديد من المخاوف التي تؤثر على القطاع المصرفي والمؤسسات المالية غير المصرفية، والانخفاض المحتمل في قيمة العقارات التجارية وما ينتج عن ذلك من تدهور الإقراض في بعض الأسواق، معتبرة أن “السياسة النقدية الفعالة والاقتصاد السليم يعتمدان على نظام مالي مستقر ومرن”.
من جانبه، أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب، روبرتو كارداريلي، على أهمية الرأس المال البشري في مجال التنمية الاقتصادية وخلق القيمة، معتبرا أن اتفاقيات التبادل الحر تلعب دورا رائدا في الإنعاش الاقتصادي للبلدان، واستدل في ذلك باتفاقيات التبادل الحر التي تربط المغرب بأكثر من خمسين بلدا.
وأشار السيد كارداريلي إلى الدور الذي تلعبه الجالية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلدانها الأصلية، وذلك بفضل الخبرة والتجربة التي يمكنها تقديمها للنهوض بوطنها.
وفي السياق ذاته، أكد المحلل عبد العزيز آيت علي من مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، على المساهمة القوية للجالية المغربية في تنمية الاقتصاد الوطني، مذكرا بأن النموذج التنموي الجديد أولى اهتماما خاصا لهذه الفئة من المجتمع.
وأشار إلى أن المغرب القوي بإمكانات بشرية وبنيوية، يمتلك استراتيجية واضحة على مستوى القدرة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
يذكر أن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد هو مؤسسة فكرية مغربية تتمثل أهدافها في المساهمة في تحسين السياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص في إفريقيا وفي بلدان الجنوب بشكل عام، كما يساهم في الحوار بين الأجيال وظهور قادة الغد.