أكد الفنان التشكيلي والكاتب عفيف بناني، أمس الثلاثاء بالرباط، أن الفن التشكيلي يعد بمثابة قوة مهمة تصون وتحفظ التراث الثقافي المادي واللامادي.
جاء ذلك خلال معرض-ندوة نظم بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث حول “الفن والتراث”. وشكلت اللقاء مناسبة للحضور لاستيعاب جذور وتطور الفن الأوروبي، في مطلع القرن التاسع عشر، ووقع التصوير الفوتوغرافي على الفن التشكيلي ودور هذا الأخير في صون التراث المغربي.
وأبرز بناني أن مطلع القرن التاسع عشر عرف بروز مدرستين في الرسم، هما المدرسة الرومانسية والمدرسة الكلاسيكية، اللتين تنضبطان لقواعد صارمة، مع تقديم الأعمال المنجزة أمام لجنة تحكيم رسمية بغرض مناقشة دلالتها التاريخية، واختيار الألوان، والبناء الرياضي والطابع التقني (وقاعدة الضوء والظل، وقاعدة النسبة الذهبية)، حتى يكون بالإمكان تقديمها في معرض رسمي.
وأضاف أن بروز التصوير الفوتوغرافي سنة 1825 كان بمثابة “ومضة ألق” في عالم الإستيطيقا، مشيرا إلى أنه تم استقباله ببرودة من طرف الكتاب والرسامين الكلاسيكيين، معتبرين إياه كـ”هرطقة وتدنيس للفن”.
وأشار إلى أن هذا التطور كان له تأثير كبير على الفنانين التشكيليين، على اعتبار أنه أدت إلى التخفيض من مداخيلهم، وإغراق السوق باللوحات الرخيصة، وزيادة الطلب على صور المعارك العسكرية لصالح المصورين الفوتوغرافيين.
وفي المغرب، يضيف بناني، كان الفن حاضرا على مر التاريخ، سيما من خلال الخط والنحت على الخشب والجبس، مبرزا أن الفن التشكيلي لم يبرز إلا في الستينات من القرن الماضي.
وأشاد في هذا الصدد “بالعبقرية الإبداعية” للفنانين التشكيليين المغاربة التي مكنتهم من فرض أنفسهم على المستوى الوطني والدولي.
يذكر أن الفنان والكاتب بناني، حصل على البكالوريا عن عمر ناهز 34 سنة ثم على الإجازة في العلوم الاقتصادية وبعدها دبلوم الدراسات العليا، انخرط في الفن التشكيلي منذ صغره وتعلم تقنياته وأصوله بفرنسا.
وحصل بناني على عدة جوائز عالمية في الفن التشكيلي منها “اللوحة الذهبية” سنة 2010 بفرنسا. وأقام عددا من المعارض بالمغرب وأوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج وغيرها.
واختير بناني عضوا مدى الحياة في الفدرالية الوطنية للثقافة الفرنسية التي منحته شهادة تقدير. وصدرت له مؤلفات منها “فن الرسم من القرن 19 إلى سنة 1945″ و”المزن والقزح” الذي يحتوي على قصائد مصحوبة بلوحات تشكيلية للفنان، و”معجم الفنون التشكيلية”، و”تأملات تشكيلية”.
وتتميز أعمال بناني بأسلوب تصويري يمثل المناظر الطبيعية والمشاهد الإنسانية في المغرب، والطبيعة الصامتة، والتي تجسدها مختلف لوحاته الموجودة لدى منظمات خاصة وعمومية مغربية، وأيضا، في بلدان مختلفة، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية، وسويسرا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، ولبنان، وأوكرانيا، وكوريا، وموريتانيا، والعراق، واليونان.